التّفسير
قلنا: إِنّ معظم الخطاب في سورة الأنعام موجه إِلى المشركين، والقرآن يستخدم شتى السبل لإِيقاظهم وتوعيتهم، فهذه الآية والآيات الكثيرة التي تليها تواصل هذا الموضوع.
تشير هذه الآية إِلى روح العناد واللامبالاة والتكبر عند المشركين تجاه الحقّ وتجاه آيات الله فتقول: (وما تأتيهم من آية من آيات ربّهم إِلاّ كانوا عنها معرضين) (1).
أي أنّ أبسط شروط الهداية - وهو البحث والتقصي - غير موجود عندهم، وليس فيهم أي اندفاع لطلب الحقيقة، ولا يحسّون بعطش إِليها ليبحثوا عنها، وحتى لوتدفّق ينبوع الماء الزلال عند عتبات بيوتهم لأعرضوا عنه ولما نظروا اليه... وكذلك فهم يعرضون عن آيات "ربّهم" النازلة لتربيتهم وتكاملهم.
مثل هذه النفسية لا يقتصر وجودها على عهود الجاهلية ومشركي العرب، فاليوم أيضاً نجد من بلغ الستين من عمره ومع ذلك لم يجشم نفسه عناء ساعة واحدة من البحث والتحقيق في الله والدين، وإِن وقع بيده كتاب أو بحث في هذا الموضوع لم ينظر إَليه، وإِن تحدث إِليه أحد بهذا الشأن لم يصغ إِليه، هؤلاء هم الجهلاء المعاندون الغافلون الذين قد يظهرون أحياناً أمام الناس بمظهر العالم المتجبر!
﴿وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ حجة من حججه المعجزات كآيات القرآن وغيرها ومن الأولى مزيدة والثانية للتبعيض ﴿إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا﴾ أي عن النظر فيها ﴿مُعْرِضِينَ﴾ لم يلتفتوا إليه.