التّفسير
منتهى العناد!
من عوامل إِنحرافهم الأُخرى التكبر والعناد اللذين تشير إِليهما، هذه الآية، أنّ المتكبر المكابر انسان عنيد في العادة، لأنّ التكبر لا يسمح لهم بالإِستسلام للحق والحقيقة، والأفراد المتصفون بهذه الصفة يكونون عادة معاندين مكابرين، ينكرون حتى الأُمور الواضحة القائمة على الدليل والبرهان، بل ينكرون حتى البديهيات، كما نراه بأمّ أعيننا في المتكبرين من أبناء مجتمعاتنا.
يشير القرآن هنا إِلى الطلب الذي تقدم به جمع من عبدة الأصنام (يقال أنّ هؤلاء هم نضر بن الحارث وعبد الله بن أبي أمية، ونوفل بن خويلد الذين قالوا لرسول الله (ص) : لن نؤمن حتى ينزل الله كتاباً مع أربعة من الملائكة!) ويقول: (ولو أنزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إِن هذا إِلاّ سحر مبين).
أي أنّ عنادهم قد وصل حدّاً ينكرون فيه حتى ما يشاهدونه بأعينهم ويلمسونه بأيديهم فيعتبرونه سحراً لكيلا يستسلموا للحقيقة، مع أنّهم في حياتهم اليومية يكتفون بعشر هذه الدلائل للإِيمان بالحقائق ويقتنعون بها، وما هذابسبب ما فيهم من أنانية وتكبر وعناد.
وبهذه المناسبة فإنّ "القرطاس" هو كل ما يكتب عليه، سواء أكان ورقاً أو جلداً أو ألواحاً، أمّا اطلاقه اليوم على الورق فذلك لانتشار تداول الورق أكثر من غيره للكتابة.
﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ﴾ مكتوبا في ورق كما اقترحوه ﴿فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ﴾ أبلغ في نفي الريب من عاينوه وذكر الأيدي للتأكيد ﴿لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ تعنتا وعنادا.