التّفسير
لكي يوقظ القرآن هؤلاء المعاندين المغرورين يسلك في هذه الآية سبيلا آخر فيأمر رسوله أن يوصيهم بالسياحة في أرجاء الأرض ليروا بأعينهم مصائر أُولئك الذين كذبوا بالحقائق، فلعل ذلك يوقظهم من غفلتهم (قل سيروا في الأرض ثمّ انظروا كيف كان عاقبة المكذبين).
لا شك أنّ لرؤية آثار السابقين والأقوام التي هلكت بسبب إِنكارها الحقائق تأثيراً أعمق من مجرّد قراءة كتب التّأريخ، لأنّ هذه الآثار تجسد الحقيقة ناطقة ملموسة، ولهذا استعمل جملة "أنظروا" ولم يقل "تفكروا".
ولعل استعمال "ثم" لعاطفة التي تفيد عادة التراخي الزمني يراد منه أن لا يتعجلوا في سيرهم وفي اطلاق أحكامهم، عليهم أن يمعنوا النظر في تلك الآثار التي خلفتها الأقوام السالفة ويفكروا فيها ثمّ يأخذوا منها العبر ويروا عاقبة أعمال تلك الأُمم.
فيما يتعلق بالسير والسياحة في الأرض وتأثيره في ايقاظ الأفكار انظر تفسير الآية (137) من سورة آل عمران في هذا التّفسير.
﴿قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ كيف أهلكوا لتعتبروا بالنظر في أحوالهم.