ثمّ تذكر الآية الثّانية أنّه لمّا لم تنفع معهم تلك المصائب والمشاكل والضغوط عاملهم الله تعالى بالعطف والرحمة، ففتح عليهم أبواب أنواع النعم، لعلهم يستيقظون ويلتفتون إِلى خالقهم الذي وهب لهم كل تلك النعم، ويشخصوا الطريق السوي: (فلمّا نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء).
إِلاّ أنّ هذه النعم كانت في الواقع ذات طابع مزدوج، فهي مظهر من مظاهر المحبّة التي تستهدف إِيقاظ النائمين، وهي كذلك مقدمة لنزول العذاب الأليم إِذا استمرت الغفلة، والذي ينغمس في النعمة والرفاهية، يشتد عليه الأمر حين تؤخذ منه هذه النعم فجأة، بينما لو أخذت منه بالتدريج، فلا يكون وقع ذلك عليه شديداً، ولهذا يقول إِنّنا أعطيناهم الكثير من النعم (حتى إِذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإِذا هم مبلسون) (2).
﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ ﴾ وعظوا ﴿بِهِ﴾ من البأساء والضراء فلم يتعظوا ﴿فَتَحْنَا﴾ بالتخفيف والتشديد ﴿عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ من أصناف النعم امتحانا لهم بالشدة والرخاء لتلزمهم الحجة أو استدراجا لهم ﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ﴾ من النعم وبطروا ولم يشكروا ﴿أَخَذْنَاهُم﴾ بالعذاب ﴿بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ﴾ آيسون متحسرون.