تشير الآية الثّانية، بعد ذكر هذه النعم الثلاث "العين والأذن والإِدراك" التي هي منبع جميع نعم الدنيا والآخرة - إِلى إِمكان سلب هذه النعم كلها دفعة واحدة، فتقول: (قل أرأيتكم إِن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إِلاّ القوم الظّالمون) (1).
"بغتة" بمعنى "فجأة" و"جهرة" بمعنى "الظاهر" والعلانية، والمألوف استعمال "سرّاً" في مقابل "جهرة" لا "بغتة"، ولكن لما كانت مقدمات العمل المباغت خافية غالباً، إِذ لولا خفاؤه لما كان مباغتاً، فإِن في "بغتة" يكمن معنى الخفاء والسرية أيضاً.
والقصد هو أنّ القادر على إِنزال مختلف العقوبات، وسلب مختلف النعم هو اللّه وحده، وإِنّ الأصنام لا دور لها في هذا أبداً، لذلك ليس ثمّة ما يدعو إِلى اللجوء إِليها، لكن الله لحكمته ورحمته لا يعاقب إِلاّ الظالمين.
ومن هذا يستفاد أنّ للظلم معنى واسعاً يشمل أنواع الشرك والذنوب، بل إِنّ القرآن يعتبر الشرك ظلماً عظيماً، كما قال لقمان لابنه: (لا تشرك بالله إِنّ الشرك لظلم عظيم) (2).
﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ بَغْتَةً﴾ فجأة بلا أمارة قبله ﴿أَوْ جَهْرَةً﴾ أي تسبقه أمارتها أو ليلا ونهارا ﴿هَلْ يُهْلَكُ﴾ أي ما يهلك به هلاك سخط ﴿إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ﴾ الكافرون.