الآية الثّانية يحذر فيها القرآن أصحاب المال والثروة من أن هذه الأُمور إختبار لهم، فإِذا لم يجتازوا الإِمتحان فعليهم أن يتحملوا العواقب المؤلمة، فالله يمتحن بعضهم ببعض: (وكذلك فتنا بعضهم ببعض).
"الفتنة" تعني هنا الإِمتحان (4) وأي إِمتحان أصعب ممّا يمر به الأغنياء الذين كانوا قد اعتادوا لسنوات طويلة على الترفع على الطبقات الدنيا، فلا يشاركونهم أفراحهم وأتراحهم، بل حتى أنّهم يبعدون قبور موتاهم عن قبورهم، أمّا الآن فيطلب منهم أن يتخلوا عن كل ذلك وأن يحطموا كل تلك العادات والسنن، ويكسروا القيود والسلاسل ليلتحقوا بدين طلائعه من الفقراء ومن يسمون بالطبقة الدنيا.
ثمّ تضيف الآية أنّ الأمر يصل بهؤلاء إِلى أنّهم ينظرون إِلى المؤمنين الصادقين نظرة احتقار (ليقولوا أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا) (5) ؟!
ثمّ تجيب الآية على المعترضين مؤكدة أنّ هؤلاء الأشخاص أُناس شكروا نعمة التشخيص الصحيح بالعمل، كما أنّهم شكروا نعمة دعوة رسول الله (ص) بقبولها، فأي نعمة أكبر، وأي شكر أرفع، ولذلك رسخ الله الإِيمان في قلوبهم: (أليس الله بأعلم بالشّاكرين).
﴿وَكَذَلِكَ ﴾ الفتن ﴿فَتَنَّا﴾ ابتلينا ﴿بَعْضَهُم بِبَعْضٍ﴾ الغني والشريف بالفقير والوضيع بأن وفقناه للسبق بالإيمان ﴿لِّيَقُولواْ﴾ أي الأغنياء إنكارا واللام للعاقبة أو للعلة بتضمين فتنا معنى خذلنا ﴿أَهَؤُلاء﴾ الفقراء ﴿مَنَّ اللّهُ﴾ أنعم ﴿عَلَيْهِم﴾ بالتوفيق للخير ﴿مِّن بَيْنِنَا﴾ دوننا ونحن الرؤساء وهم الضعفاء لو كان خيرا ما سبقونا إليه ﴿أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ فيوفقهم.