التّفسير
الإِصرار العقيم:
ما يزال الخطاب في هذه الآيات موجهاً إِلى المشركين وعبدة الأصنام المعاندين - كدأب معظم آيات هذه السورة - يبدو من سياق هذه الآيات أنّهم دعوا رسول الله (ص) إِلى إِعتناق دينهم، الأمر الذي يستدعي نزول الآية: (قل إِنّي نُهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله) (1).
جملة "نُهيتُ" التي وردت بصيغة الماضي ومبنية للمجهول تشير إِلى أنّ النهي عن عبادة الأصنام ليس أمراً جديداً، بل كان دائماً قائماً وسيبقى كذلك.
ثمّ بجملة (قل لا أتبع أهواءكم) يجيب بوضوح على إِصرارهم العقيم، بالنظر لأنّ عبادة الأصنام لا تتفق مع المنطق ولا مع الأدلة العقلية، لأنّ العقل يدرك بسهولة أن الإِنسان أشرف من الجماد، فكيف يمكن للإِنسان أن يخضع لأي مخلوق آخر فضلا عن المخلوق الأدني؟ هذا مع أنّ هذه الأصنام هي من صنع الإِنسان نفسه فكيف يتخذ الإِنسان ما خلقه بنفسه معبوداً يعبده ويلجأ إليه في كل مشاكله؟ وبناء على ذلك، فإِنّ منشأ عبادة الأصنام ليس سوى التقليد الأعمى والإتّباع المقيت للأهواء والشهوات.
وفي ختام الآية يؤكّد القرآن مرّة أُخرى على أنّه إِذا فعل ذلك (قد ضللت إِذاً وما أنا من المهتدين).
﴿قُلْ إِنِّي نُهِيتُ﴾ عن ﴿أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ﴾ تعبدونهم أو تسمونهم آلهة ﴿مِن دُونِ اللّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا﴾ إن اتبعت أهواءكم ﴿وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ تعريض بهم.