ثم يتعرض القرآن إلى نقض بني إسرائيل للميثاق، بقتل بعضهم وتشريد بعضهم الآخر: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَريقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ﴾.
ويشير القرآن إلى تعاون بعضهم ضد البعض الآخر.
﴿تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالاِْثمِ وَالْعُدْوانِ﴾.
ثم يشير إلى تناقض هؤلاء في مواقفهم، إذيحاربون بني جلدتهم ويخرجونهم من ديارهم، ثم يفدونهم إن وقعوا في الأسر: ﴿وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ﴾.
فهم يفادونهم استناداً إلى أوامر التوراة، بينما يشردونهم ويقتلونهم خلافاً لما أخذ الله عليهم من ميثاق: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْض﴾؟!
ومن الطبيعي أن يكون هذا الإنحراف سبباً لانحطاط الإِنسان في الدنيا والآخرة: ﴿فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾.
وإنحرافات أيّة أُمة من الأمم لابدّ أن تعود عليها بالنتائج الوخيمة، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى أحصاها عليهم بدقّة: ﴿وَمَا اللهُ بِغَافِل عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾.
﴿ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء﴾ المنافقون ﴿تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ﴾ بقتل بعضكم بعضا ﴿وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم﴾ حال من فاعل تخرجون يعاون بعضكم بعضا على الإخراج والقتل ﴿بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ الإفراط في الظلم ﴿وَإِن يَأتُوكُمْ﴾ الذين ترومون إخراجهم وقتلهم ﴿أُسَارَى﴾ قد أسرهم الأعداء ﴿تُفَادُوهُمْ﴾ بأموالكم ﴿وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ﴾ الضمير للشأن أو مبهم يفسره ﴿إِخْرَاجُهُمْ﴾ أو لمصدر يخرجون وإخراجهم تأكيد ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ﴾ الذي أوجب المفاداة ﴿وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ الذي حرم القتل والإخراج ﴿فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ﴾ ذل بضرب الجزية ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ وقيل هو قتل قريظة وأسرهم وإجلاء النضير ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ﴾ بالياء والتاء ﴿إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ بالتاء والياء تأكيد للوعد.