التّفسير
أدلة التوحيد في السموات:
على أثر الكره الذي كان يحمله إِبراهيم للأوثان وطلبه من آزر أن يترك عبادة الأصنام، تشير هذه الآيات إِلى نضال إِبراهيم المنطقي مع مختلف عبدة الأصنام، وتبيّن كيفية توصله إِلى أصل التوحيد عن طريق الاستدلال العقلي الواضح.
تبيّن أولا أنّ الله كما عرّف إِبراهيم على أضرار عبادة الأصنام عرّفه على مالكية الله وسلطته المطلقة على السموات والأرض: (وكذلك نرى إِبراهيم ملكوت السموات والأرض) (1).
"الملكوت" من "ملك" بمعنى المالكية والحكم و"الواو" و"التاء" أُضيفتا للتوكيد والمبالغة، فالمقصود من الكلمة هنا حكومة الله المطلقة على عالم الوجود برمته.
ولعل هذه الآية إِجمال للتفصيل الوارد في الآيات التّالية بشأن الكواكب والقمر والشمس وإِدراك أنّها من المخلوقات لدى مشاهدة أُفولها.
أي أنّ القرآن بدأ بذكر مجمل تلك الحالات، ثمّ أخذ يفصلها، وبهذا يتّضح المقصود من إِراءة ملكوت السموات والأرض لإِبراهيم (ع).
كما أنّه في الختام يقول إِنّ الهدف من ذلك هو أن يصبح إِبراهيم من أهل اليقين: (وليكون من الموقنين).
لا شك أنّ إِبراهيم كان موقناً يقيناً استدلالياً وفطرياً بواحدانية الله، ولكنّه بدراسة أسرار الخلق بلغ يقينه حد الكمال، كما أنّه كان مؤمناً بالمعاد ويوم القيامة، ولكنّه بمشاهدة الطيور المذبوحة التي عادت إِليها الحياة بلغ إِيمانه مرحلة "عين اليقين".
وَكَذَلِكَ﴾ التبصير ﴿نُرِي إِبْرَاهِيمَ﴾ تبصرة ﴿مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ ملكهما والتاء للمبالغة روي كشط له عن الأرضين حتى رآهن وما تحتهن وعن السموات حتى رآهن وما فيهن من الملائكة وحملة العرش ﴿وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾.