الآيات التّالية تشرح هذا المعنى، وتبيّن استدلال إِبراهيم من أُفول الكواكب والشمس على عدم الوهيتها، فعندما غطى ستار الليل المظلم العالم كلّه، ظهر أمام بصره كوكب لامع، فنادى إِبراهيم: هذا ربّي! ولكنّه إِذ رآه يغرب، قال: لا أحبّ الذين يغربون: (فلما جن الليل رأى كوكباً قال هذا ربّي فلمّا أفل قال لا أُحبّ الأفلين).
ومرّة أُخرى رفع عينيه إِلى السماء فلاح له قرص القمر الفضي ذو الإِشعاع واللمعان الجذاب على أديم السماء، فصاح ثانية: هذا ربّي: ولكنّ مصير القمر لم يكن بأفضل من مصير الكوكب قبله، فقد أخفى وجهه خلف طيات الأُفق.
﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا﴾ أي الزهرة أو المشتري ﴿قَالَ هَذَا رَبِّي﴾ على طريق الإنكار أو على طريق من ينصف خصمه مع علمه أنه مبطل فيحكي قوله ثم يظهر بطلانه ليكون أدعى إلى الحق ﴿فَلَمَّا أَفَلَ﴾ غاب ﴿قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ﴾ أن أتخذهم أربابا لأن الأفول من صفات المحدث.