الآية التّالية فيها إِشارة إِجمالية لما مضى من بحث بشأن التوحيد ومجابهة الشرك كما جاء في لسان إِبراهيم: فتقول: (وتلك حجّتنا آتيناها إِبراهيم على قومه).
صحيح أنّ تلك الاستدلالات كانت منطقية توصّل إِليها إِبراهيم بقوّة العقل والإِلهام الفطري غير أن قوة العقل والإِلهام الفطري من الله، لذلك فإِنّ الله ينسبها إِلى نفسه ويوقعها في القلوب المستعدة كقلب إِبراهيم (ع).
ومن الجدير بالملاحظة أنّ "تلك" اسم إِشارة للبعيد، غير أنّها تستعمل أحياناً للقريب للدلالة على أهمية المشار إِليه وعلو مقامه، مثل ذلك ما جاء في أوّل سورة البقرة: (ذلك الكتاب لا ريب فيه).
ثمّ تقول الآية: (نرفع درجات من نشاء) (7) ولكيلا يخامر بعضهم الشك في أنّ الله يحابي في إِعطاء الدرجات لمن يشاء، تقول: إِن الله متصف بالحكمة وبالعلم، فلا يمكن أن يرفع درجة من لا يستحق ذلك: (إِنّ ربّكم حكيم عليم).
﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾ ألهمناه إياها ﴿عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ﴾ في العلم والحكمة ﴿مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾.