الآية الثّالثة تؤكّد على سبيل الاستنتاج من كل ما سبق من ذكر خالقية الله لكل شيء، وإِبداعه السموات والأرض وإِيجادها، وكونه منزهاً عن الصفات والعوارض الجسمية وعن الحاجة إِلى الزوجة والأبناء وإِحاطته العلمية بكل شيء: (ذلكم الله ربّكم لا إِله إِلاّ هو خالق كل شيء فاعبدوه) فلا يستحق العبودية غيره.
ولكي ينقطع كل أمل بغير الله، وتنقلع كل جذور الشرك والإِعتماد على غير الله، تختتم الآية بالقول: (وهو على كل شيء وكيل).
أي أنّ مفتاح حل مشاكلكم بيده وحده، وما من أحد غيره قادر على حلها إِذ ما من أحد - غيره - إِلاّ وهو محتاج إِلى إِحسانه وكرمه، فلا موجب إِذن لأن تطرح مشاكلك على غيره، وتطلب حلّها من غيره.
لاحظ أنّ العبارة تقول: (على كل شيء وكيل) ولم تقل: لكلّ شيء وكيل، واختلاف المعنى واضح، لأنّ "على" تفيد التسلط ونفوذ الأمر، أمّا "اللام" فتفيد التبعية، أي أن التعبير الأوّل يدل على الولاية والرعاية، والثّاني يدل على التمثيل والوكالة.
﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ﴾ لا تحيط به الأوهام ﴿وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ يحيط بها أو لا تدركه حواس النظر وهو يدركها فيراها ولا تراه ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ﴾ النافذ في الأشياء الممتنع من أن يدرك ﴿الْخَبِيرُ﴾ لا يعزب عنه شيء.