التّفسير
لابد أن تتميز الصفوف:
تنوه الآيتان الحاضرتان بحقيقة هامة هي أن أية مصيبة (كتلك التي وقعت في أُحد) مضافاً إلى أنها لم تكن دون سبب وعلة، فإنها خير وسيلة لتمييز صفوف المجاهدين الحقيقيين عن المنافقين أو ضعفاء الإيمان، ولذلك جاء في القسم الأول من الآية الأُولى (وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله) أي أن ما أصابكم يوم تقاتل المسلمون والمشركون فهو بإذن الله ومشيئته وإرادته لأن لكلّ ظاهرة في عالم الكون المخلوق لله سبحانه سبباً خاصّاً وعلّة معيّنة.
وأساساً أن هذا العالم عالم مقنن يجري وفق قانون الأسباب والمسببات، وهذه حقيقة ثابتة لا تتغير.
وعلى هذا الأساس إذا وهنت جماعة في الحرب، وتعلقت بالدنيا وحطامها، والثروة وجواذبها، وتجاهلت أوامر قائدها المحنك الرؤوف كانت محكومة بالهزيمة والفشل، وهذا هو المقصود من إذن الله، فإذن الله ومشيئته هي تلك القوانين التي أرساها في عالم الكون ودنيا البشر.
﴿وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى﴾ بأحد ﴿فَبِإِذْنِ اللّهِ﴾ بتخلية الكفار سميت إذنا لأنها من لوازمه ﴿وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ﴾ ليتميز الفريقان فيظهر إيمان المؤمنين وكفر المنافقين