لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
ثمّ إنه سبحانه يقول: (يستبشرون(5) بنعمة من الله وفضل). وهذه الآية- في الحقيقة- مزيد تأكيد وتوضيح حول البشائر التي يتلقاها الشهداء بعد قتلهم واستشهادهم. فهم فرحون ومسرورون من ناحيتين: الأُولى: من جهة النعم والمواهب الإلهية التي يتلقونها، لا بها فقط بل لما يتلقونه من الفضل الإلهي الذي هو التصعيد المتزايد المستمر للنعم الذي يشمل الشهداء أيضاً. والثانية: من جهة أنهم يرون أن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر المؤمنين... لا أجر الشهداء الذين نالوا شرف الشهادة، ولا أجر المجاهدين الصادقين الذين لم ينالوا ذلك الشرف رغم اشتراكهم في المعركة: (وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين)أجل، إنهم يرون بأم أعينهم ما كانوا يوعدون به ويسمعون بآذانهم. إنها فرحة مضاعفة. شهادة على بقاء الروح تعد الآيات الحاضرة من جملة الآيات القرآنية ذات الدلالة الصريحة على بقاء الروح. فهذه الآيات تتحدث عن حياة الشهداء بعد الموت والقتل. وما يحتمله البعض من أن المراد بهذه الحياة هو معنى مجازي، وأن المقصود هو بقاء اسمهم، وخلود آثارهم، وأعمالهم وجهودهم بعيد جداً عن معنى الآية، وغير منسجم بالمرّة مع أي واحد من العبارات الواردة في الآيات الحاضرة، سواء تلك التي تصرح بأن الشهداء يرزقون، أو التي تتحدث عن سرورهم من نواح مختلفة، هذا مضافاً إلى أن الآيات الحاضرة دليل بيّن وبرهان واضح على مسألة "البرزخ" والنعم البرزخية التي سيأتي الحديث عنها وشرحها عند تفسير قوله سبحانه: (ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)(6) إن شاء الله. أجر الشهداء لقد قيل عن الشهداء ومكانتهم وأهمية مقامهم الكثير الكثير، فكلّ الأمم، وكلّ الشعوب تحترم شهداءها وتقيم لهم وزناً خاصّاً ولكن ما يوليه الإسلام للشهداء في سبيل الله من الإحترام وما يعطيهم من المقام لا مثيل له أصلاً، وهذه حقيقة لا مبالغة فيها، فإن الحديث التالي نموذج واضح من هذا الإحترام العظيم، الذى يوليه الإسلام الحنيف للذين استشهدوا في سبيل الله، وفي ظل هذه التعاليم استطاعت تلك الجماعة المحدودة المتخلفة أن تكتسب تلكم القوّة العظيمة الهائلة التي استطاعت بها أن تركع أمامها أعظم الإمبراطوريات، بل وتدحر أعظم العروش. وإليك هذا الحديث: عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: بينما أميرالمؤمنين يخطب ويحضهم على الجهاد إذ قام إليه شاب فقال: يا أميرالمؤمنين أخبرني عن فضل الغزاة في سبيل الله فقال: كنت رديف رسول الله (ص) على ناقته العضباء ونحن منقلبون عن غزوة ذات السلاسل فسألته عمّا سألتني عنه فقال: الغزاة إذا هموا بالغزو كتب الله لهم براءة من النار. فإذا تجهزوا لغزوهم باهى الله بهم الملائكة. فإذا ودعهم أهلوهم بكت عليهم الحيطان والبيوت، ويخرجون من الذنوب... ويكتب له (أي لكلّ شهيد وغاز) كلّ يوم عبادة ألف رجل يعبدون الله... وإذا ضاروا بحضرة عدوهم انقطع علم أهل الدنيا عن ثواب الله إياهم. فإذا برزوا لعدوهم وأشرعت الأسنة وفوقت السهام، وتقدّم الرجل إلى الرجل حفتهم الملائكة بأجنحتها يدعون الله بالنصرة والتثبيت فينادي مناد: "الجنة تحت ظلال السيوف" فتكون الطعنة والضربة على الشهيد أهون من شرب الماء البارد في اليوم الصائف. وإذا زال الشهيد من فرسه بطعنة أو ضربة لم يصل إلى الأرض حتّى يبعث الله إليه زوجته من الحور العين فتبشره بما أعد الله له من الكرامة. فإذا وصل إلى الأرض تقول له الأرض: مرحباً بالروح الطيب الذي خرج من البدن الطيب، إبشر فإن لك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ويقول الله: أنا خليفته في أهله من أرضاهم فقد أرضاني ومن أسخطهم فقد أسخطني(7). ﴿يَسْتَبْشِرُونَ﴾ كرر ليتعلق به ما هو بيان لقوله ﴿أن لا خوف﴾، أو الأول بحال إخوانهم والثاني بحال أنفسهم ﴿بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ﴾ أجرا لأعمالهم ﴿وَفَضْلٍ﴾ زيادة عليه ونكر تعظيما ﴿وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.