ثمّ يعقب سبحانه على الآية السابقة بقوله: (فإِن كذبوك فقد كذّب رسل من قبلك).
وفي هذه الآية يسلي اللّه سبحانه النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول: إِن كذبتك هذه الجماعة فلا تقلق لذلك ولا تحزن، فذلك هو دأبهم مع أنبياء سبقوك حيث كذبوهم، وعارضوا دعوتهم بصلابة وعناد.
ولم يكن هؤلاء الإنبياء غير مزودين بما يبرهن على صدقهم، بل (جاؤوا بالبينات والزبر والكتاب المنير).
وهنا لابدّ من الإِنتباه إِلى أن "زُبر" وهو جمع (زبور) يعني كتاباً أُحكمت يكتابة مواضيعه، لأن الزبر أص من الكتابة، لا مطلق الكتابة، بل الكتابة المتقنة المحكمة.
وأمّا الفرق بين "الزبر" و"الكتاب المنير" مع أنّهما من جنس واحد هو الكتاب، فيمكن أن يكون بسبب أن الاوّل إِشارة إِلى كتب الأنبياء قبل موسى(عليه السلام)، والثّاني إِشارة إِلى التوراة والإِنجيل، لأنّ القرآن الكريم عبر عنهما في سورة المائدة الآية 44، و46 بالنّور إِذ قال: (إِنّا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور...)(وآتيناه الإِنجيل فيه هدى ونور).
هذا ويحتمل بعض المفسرين أن يكون المراد من "الزّبور" هو تلك الكتب السماوية التي تحتوي على المواعظ والزواجر خاصّة (كما كان عليه الزبور المنسوب إِلى داود الذي هو الآن بين الأيدي والذي يحتوي بأسره على المواعظ والزواجر) ولكن "الكتاب المنير" أو الكتاب السماوي فيطلق على ما يحتوي على التشريعات والقوانين والأحكام الفردية والإِجتماعية.
﴿فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ﴾ تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن تكذيب قومه واليهود ﴿وَالزُّبُرِ﴾ وقرىء وبالزبر جمع زبور والكتاب المتضمن للحكم والزواجر ﴿وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾ التوراة والإنجيل والزبور.