والآية اللاحقة بيّنت - في الحقيقة - خطّة موسى التي اقترحها على بني إسرائيل لمواجهة تهديدات فرعون، وشرح فيها شروط الغلبة على العدو، وذكرهم بأنّهم إذا عملوا بثلاث مباديء انتصروا على العدو حتماً:
أوّلها: الإِتكال على الله فقط (قال موسى لقومه استعينوا بالله).
والآخر: أن يثبتوا ولا يخافوا من تهديدات العدو: (واصبروا).
وللتأكيد على هذا المطلب، ومن باب ذكر الدليل، ذكّرهم بأنّ الأرض كلّها ملك الله، وهو الحاكم عليها والمالك المطلق لها، فهو يعطيها لمن يشاء (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده).
وآخر هذه المباديء هو أن يعتمدوا التقوى لأنّ العاقبة لمن اتّقى (والعاقبة للمتقين).
هذه المبادىء والشروط الثلاثة - أحدها في العقيدة (الإستعانة بالله) والثّاني في الأخلاق (الصبر والثبات) والأخير في العمل (التقوى) - ليست شرائط انتصار قوم بني إسرائيل وحدهم على العدو، بل كل شعب أراد الغلبة على أعدائه لابدّ له من تحقيق هذه البرامج الثلاثة فالأشخاص غير المؤمنين والجبناء الضعفاء الإرادة، والشعوب الفاسقة الغارقة في الفساد، إذا ما انتصرت فإنّ انتصارها يكون لا محالة مؤقتاً غير باق.
والملفت للنظر أنّ هذه الشروط الثلاثة كل واحد منها متفرع على الآخر، فالتقوى لا تتوفر من دون الثبات والصبر في مواجهة الشهوات، وأمام بهارج العالم المادّي، كما أنّ الصبر والثبات لا يكون لهما أي بقاء ودوام من دون الإِيمان بالله.
﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ﴾ على أذاه ﴿إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ﴾ المحمودة ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ وعد لهم بالنصر.