التّفسير
النّوائب المتنوعة:
في هاتين الآيتين أُشير إلى مرحلة أُخرى من الدروس المنبهة التي لقّنها الله لقوم فرعون، فعندما لم تنفع المرحلة الأُولى، يعني أخذهم بالجدب والسنين وما ترتب عليه من الأضرار المالية في إيقاظهم وتنبيههم، جاء دور المرحلة الثّانية وتمثلت في عقوبات أشدّ، فأنزل الله عليهم نوائب متتابعة مدمِرة، ولكنّهم - وللأسف - لم ينتبهوا مع ذلك.
وفي الآية الأُولى من الآيات المبحوثة يقول القرآن الكريم من باب المقدمة لنزول النّوائب: إنّهم بقوا يلجّون في إنكار دعوة موسى، وقالوا: مهما تأتنا من آية وتريد أن تسحرنا بها فإننا لن نؤمن بك: (وقالوا مهما تأتنا من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين).
إنّ التعبير ب- "الآية" لعلّه من باب الإِستهزاء والسخرية، لأنّ موسى (عليه السلام) وصف معاجزه بأنّها آيات الله، ولكنّهم كانوا يفسرونها بالسحر.
إنّ لحن الآيات والقرائن يفيد أنّ الجهاز الإعلامي الفرعوني الذي كان - تبعاً لذلك العصر - أقوى جهاز إعلامي، وكان النظام الحاكم في مصر يستخدمه كامل الإِستخدام... إنّ هذا الجهاز الإِعلامي قد عبّأ قواه في توكيد تهمة السحر في كل مكان، وجعلها شعاراً عاماً ضد موسى (عليه السلام)، لأنّه لم يكن هناك تهمة منها أنسب بالنسبة إلى معجزات موسى (عليه السلام) للحيلولة دون إنتشار الدعوة الموسوية ونفوذها المتزايد في الأوساط المصرية.
﴿وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ﴾ بزعمك ﴿لِّتَسْحَرَنَا﴾ لتموه علينا ﴿بِهَا﴾ الهاء بمعنى ما، أو آية ﴿فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ بمصدقين.