التّفسير
تفرق اليهود وتشتتهم:
هذه الآيات إشارة إلى قسم من العقوبات الدنيوية التي أصابت جماعة من اليهود خالفت أمر الله تعالى، وسحقت الحق والعدل والصدق.
فيقول في البداية: واذكروا يوم أخبركم الله بأنّه سيسلّط على هذه الجماعة العاصية المتمردة فريقاً يجعلها حليفة العذاب والأذى إلى يوم القيامة (وإذ تأذّن ربّك ليبعثنَّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب).
و"تأذَّن" و"أذّن" كلاهما بمعنى الإِخبار والإِعلام، وكذا جاء بمعنى الحلْف والقَسَم، وفي هذه الصورة يكون معنى الآية أنّ الله تعالى أقسم بأن يكون مثل هؤلاء الأشخاص في العذاب إلى يوم القيامة.
ويُستفاد من هذه الآية أنّ هذه الجماعة المتمردة الطاغية لن ترى وجه الإستقرار والطمأنينة أبداً، وإن أسّست لنفسها حكومة وشيّدت دولة، فإنّها مع ذلك ستعيش حالة اضطراب دائم وقلق مستمر، إلاّ أن تغيّر - بصدق - سلوكها، وتكفّ عن الظلم والفساد.
وفي ختام الآية يضيف تعالى قائلا: (إنّ ربّك لسريع العقاب وإنّه لغفور رحيم) فبالنسبة إلى الكفار سريع العقاب، وبالنسبة للمذنبين التائبين غفور رحيم.
وهذه الجملة تكشف عن أنّ الله قد ترك الباب مفتوحاً أمامهم حتى لا يظن أحد أنّه قد كُتب عليهم المصير المحتوم والشقاء الابدي الذي لا خلاص منه
﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ﴾ بمعنى أذن أي أعلم أجري مجرى القسم كعلم الله فأجيب بجوابه وهو ﴿لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ﴾ ليسلطن على اليهود ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ﴾ يوليهم شدته بالذل وأخذ الجزية ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ﴾ لمن عصاه ﴿وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ﴾ لمن آمن ﴿رَّحِيمٌ﴾ به.