التّفسير
في هذه الآيات إشارة لقصّة أُخرى من قصص بني إسرائيل، وهي تعد مثلا وأنموذجاً لجميع أُولئك الذين يتصفون بمثل هذه الصفات.
وكما سنلاحظ خلال تفسير الآيات - محل البحث - فإنّ للمفسّرين احتمالات متعددة في الذي تتحدث عنه أو (عليه) الآيات... إلاّ أنّه ممّا لا ريب فيه أن مفهوم الآيات - كسائر الآيات النازلة في ظروف خاصّة - عامٌ وشامل.
والآية الأُولى من هذه الآيات يُخاطَبُ بها النّبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول القرآن الكريم (واتلُ عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين).
فهذه الآية واضحة أنّها تحكي قصّة رجل كان في البداية في صف المؤمنين، وحاملا للعلوم الإِلهية والآيات، إلاّ أنّه إنحرف عن هذا النهج، فوسوس له الشيطان، فكانت عاقبة أمره أن انجرّ إلى الضلال والشقاء!... والتعبير ب- "إنسلخ" وهو من مادة "الإنسلاخ" معناه في الأصل الخروج من الجلد... يدلّ على أن الآيات والعلوم الإِلهية كانت تحيط به إحاطة الجلد بالبدن، إلاّ أنّه خرج منها على حين غرّة واستدار إلى الوراء وغيّر مسيره بسرعة!
كما أنّ التعبير القرآني "فأتبعه الشيطان" يستفاد منه أنّ الشيطان كان أوّل الأمر آيساً منه تقريباً، لأنّه كان يسلك سبيل الحق تماماً، وبعد أن انحرف لحقه الشيطان وتربص له وأخذ يوسوس له حتى انتهى أمره إلى أن يكون من الضالين المنحرفين الأشقياء (1).
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ﴾ أي اليهود ﴿نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا﴾ بلعم بن باعور كان عنده الاسم الأعظم فسئل أن يدعو على موسى فدعا فانقلب عليه ﴿فَانسَلَخَ﴾ خرج ﴿مِنْهَا﴾ بكفره كالذي ينسلخ من جلده ﴿فَأَتْبَعَهُ﴾ لحقه ﴿الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ فصار من الهالكين.