ومن ناحية ثالثة تقول: (وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم) لئلا يسوّفوا قائلين اليوم وغداً وبعد غد الخ... ومن ناحية رابعة تقول: إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن فإنّهم لن يؤمنوا بأي حديث آخر وأي كتاب آخر، إذ ليس فوق القرآن كتاب أبداً... وأخيراً فإنّ الآية التالية، وهي آخر آية من الآيات محل البحث، تختتم الكلام بالقول (من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون).
وكما ذكرنا مراراً فإن مثل هذه التعابير لا تشمل جميع الكفار والمجرمين، بل تختص بأُولئك الذين يقفون بوجه الحقائق معاندين ألدّاء، حتى كأنّما على أبصارهم غشاوة وفي سمعهم صمم وعلى قلوبهم طبع، فلا يجدون إلاّ أسدالا من الظلمات تحجب طريقهم.
وكل ذلك هو نتيجة أعمالهم أنفسهم، وهو المقصود بالإضلال الإِلهي (من يضلل الله).
﴿مَن يُضْلِلِ اللّهُ﴾ يتركه وسوء اختياره ﴿فَلاَ هَادِيَ لَهُ﴾ يقسره على الإيمان ﴿وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ﴾ بالرفع على الاستيناف وقرىء بالنون ﴿يَعْمَهُونَ﴾ متحيرين.