وفي الآية التّالية إكمالا للأمر السابق يخاطب القرآن النّبي الكريم - وهذا الحكم كلي وعام أيضاً وإن كان الخطاب موجهاً للنّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما هو الحال في سائر آيات القرآن الأُخرى وأحكامها - إذ يقول سبحانه في كتابه: (واذكر ربّك في نفسك تضرّعاً وخيفة) (5).
ثمّ يضيف قائلا: (ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال).
والآصال: جمع الأصيل، ومعناه قبيل المغرب أو عند الغروب.
(ولا تكن من الغافلين).
فذكر الله في كل حال وفي كل وقت، صباحاً ومساءً، مدعاة لإِيقاظ القلوب وجلائها من الدرن، وإبعاد الغفلة عن الإِنسان.
ومثله مثل مزنة الربيع، إذا نزلت أمرعت القلوب بأزهار التوجه والإِحساس بالمسؤولية والبصيرة، وكل عمل إيجابي بنّاء!... ثمّ تختتم هذه الآية سورة الأعراف بهذه العبارة، وهي أنّكم لستم المكلّفون بذكر الله من يذكر الله ليس هو أنتم فحسب، بل (إنّ الذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون).
والتعبير ب- (عند ربّك) لا يعني القرب المكاني، لأنّ الله ليس له مكان خاص، بل هو إشارة إلى القرب المقامي، أي أنّ الملائكة وغيرهم من المقربين على رغم مقامهم و منزلتهم عندالله، فهم لا يقصرون في التسبيح والذكر لله والسجود له.
والسجدة عند تلاوة هذه الآية مستحبة، إلاّ أنّ بعض أهل السنة كأصحاب أبي حنيفة وأتباعه يقولون بوجوبها.
ربّنا نور قلوبنا بنور ذكرك، ذلك النور الذي يفتح لنا طريقنا نحو الحقيقة، ونستمد منه المدد في نصرة راية الحق ومكافحة الظالمين وأن تدرك مسؤولينا ونؤدي رسالتنا - آمين.
نهاية سورة الأعراف
﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ﴾ يعم كل ذكر، وروي إذا كنت خلف إمام تأتم به فأنصت وسبح في نفسك يعني فيما لا يجهر الإمام فيه بالقراءة ﴿تَضَرُّعاً﴾ مستكينا ﴿وَخِيفَةً﴾ خائفا من عذابه ﴿وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ القراءة أي لافظا لفظا فوق السر ودون الجهر ﴿بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ﴾ بالبكر والعشيات ﴿وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ﴾ عن ذكر ربك.