ولئلا يعتقد بعضٌ بأنّ النصر كان بيد الملائكة فحسب، فإنّ الآية تقول: (وما جعله الله إلاّ بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلاّ من عند الله إنّ الله عزيز حكيم).
لأنّ الله عزيز ومقتدر لا يستطيع أحد الوقوف مقابل إرادته، وحكيم لا ينزل نصرته إلاّ للأفراد الصالحين والمستحقين لذلك.
هل قاتلت الملائكة؟
لقد جرى البحث في هذه المسألة كثيراً بين المفسّرين، فبعضهم يرى أنّ الملائكة دخلت ساحة القتال وهاجمت الأعداء بأسلحتها الخاصّة، وقتلت بعضهم.
ونقلت بعض الرّوايات في تأييد ذلك.
إلاّ أنّ القرائن تؤيد الرأي الذي يقول: إنّ الملائكة نزلت لتطمئن قلوب المؤمنين، ويزداد عزمهم، وهذا الرأي أقرب إلى الواقع لعدّة أدلة:
أوّلا: لقد قرأنا في الآية قوله تعالى: (ولتطمئن قلوبكم).
فإذا ما علم المسلمون بهذا المدد فإنّهم يقاتلون بصورة أفضل، لا أن الملائكة شاركت في الحرب.
ثانياً: إذا كانت الملائكة هي التي قتلت جنود الأعداء، فأيّة فضيلة للمجاهدين في معركة بدر وما ورد عن مقامهم ومنزلتهم من روايات كثيرة؟
ثالثاً: كان عدد المقتولين في بدر هو (70 نفراً) وقد كان الكثير منهم قد سقط بسيف علي (عليه السلام)، والقسم الآخر بيد المقاتلين الآخرين، وهؤلاء معروفون بأسمائهم في التاريخ، فبناءً على ذلك - من الذي - بقي لتقتله الملائكة؟!
﴿وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ﴾ أي الإمداد ﴿إِلاَّ بُشْرَى﴾ بشارة لكم بالنصر ﴿وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ﴾ تسكن إليه من الروع ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ﴾ لا من العدد والعدد والملائكة وإنما أمدهم بشارة وتقوية لقلوبهم ﴿إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ﴾ لا يغالب ﴿حَكِيمٌ﴾ يفعل للمصالح.