لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ﴾. ما حاجة الله إلى الولد وهو النافذ الإِرادة في جميع الموجودات؟! ﴿وَإِذَا قَضى أَمْراً فِإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ بحوث 1 - دلائل نفي الولد: نسبة الولد إلى الله سبحانه، هي دون شك وليدة سذاجة فكرية، قائمة على أساس مقارنة كل شيء بالوجود البشري المحدود. الإِنسان يحتاج إلى الولد لأسباب عديدة: فهو من جانب ذو عمر محدود يحتاج إلى توليد المثل لإِستمرار نسله. ومن جهة اُخرى هو ذو قوّة محدودة تضعف بالتدريج، ويحتاج لذلك - وخاصة في فترة الشيخوخة - إلى من يساعده في أعماله. وهو أيضاً ينطوي على عواطف وحبّ للأنيس، وذلك يتطلب وجود فرد أنيس في حياة الإِنسان، والولد يلبي هذه الحاجة. واضح أن كل هذه الأُمور لا يمكن أن تجد لها مفهوماً بشأن الله سبحانه، وهو خالق عالم الوجود والقادر على كلّ شيء، وهوالأزلي الأبدي. أضف إلى ذلك، الولد يستلزم أن يكون الوالد جسماً والله منزّه عن ذلك. 2 - تفسير ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾: هذا التعبير ورد في آيات عديدة منها الآية 47 و59 من سورة آل عمران، والآية 73 من سورة الأنعام، والآية 40 من سورة النحل والآية 35 من سورة مريم، والآية 82 من سورة يس،و غيرها، والمراد منها الإِرادة التكوينية لله تعالى وحاكميته في الخليقة. بعبارة أوضح: المقصود من جملة ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ ليس هو صدور الأمر اللفظي «كُنْ» من قبل الله تعالى، بل المقصود تحقق إرادة الله سبحانه حينما تقتضي إيجاد شيء من الأشياء، صغيراً بحجم الذّرة كان، أم كبيراً بحجم السماوات والأرض، بسيطاً كان أم معقداً، دون أن يحتاج في ذلك الإِيجاد إلى أية علّة اُخرى، ودون أن تكون هناك أية فترة زمنية بين الإِرادة والإِيجاد. لا يمكن للزمان أن يفصل بين الأمر والكينونة، ولذلك فإن الفاء في جملة «فَيَكُون»، لا تدل على تأخير زمني كما هو الحال في الجمل الاُخرى، بل إنها تدل فقط على التأخير في الرتبة (الفلسفة أثبتت تأخر المعلول عن العلة، وهذا التأخر ليس زمنياً، بل في الرتبة - تأمل بدقة -). ليس المقصود أن الشيء يصبح موجوداً متى ما أراد الله ذلك، بل المقصود أن الشيء يصبح موجوداً بالشكل الذي أراده الله. على سبيل المثال، لو أراد الله أن يخلق السماوات والأرض في ستة أيّام، لكان ذلك، دون زيادة أو نقص، ولو أراد أن توجد في لحظة واحدة لوجدت بأجمعها في لحظة واحدة، فذلك تابع لكيفية إرادته ولما يراه من مصلحة. يولو شاء الله - مث - أن يبقى الجنين في رحم أمه تسعة أشهر وتسعة أيّام ليطوي مراحل تكامله، لما زادت هذه المدة وما نقصت. أمّا لو شاء أن يطوي هذا الجنين مراحل تكامله خلال لحظة واحدة لحدث ذلك قطعاً، لأن إرادته علّة تامّة للخليقة، ولا يمكن أن توجد فاصلة بين العلة التامة ووجود المعلول. 3 - كيف يوجد الشيء من العدم؟ كلمة «بَدِيعُ» من «بدع»، والإبداع إنشاء صنعة بلا احتذاء واقتداء منه، وفي الآية بمعنى إيجاد الشيء من غير مادة سابقة. والسّؤال الذي يطرح في هذا المجال يدور حول إمكان إيجاد الشيء من العدم، فكيف يمكن للعدم - وهو نقيض الوجود - أن يكون منشأ للوجود؟ وهذه هي الشبهة التي يوردها الماديون في مسألة «الإبداع» ليستنتجوا منها أن المادة الأصلية للعالم أزلية أبدية، ولا يطرأ عليها وجود وعدم إطلاقاً. الجواب: في المرحلة الاُولى، يوجّه نفس هذا الإِعتراض إلى الماديين فهؤلاء يعتقدون أن مادة هذا العالم قديمة أزلية، ولم ينقص منها شيء حتى الآن، والذي نراه يتغير هو «الصورة» وحدها، لا أصل المادة. ونحن بدورنا نسأل: كيف وجدت الصورة الحالية للمادة ولم تكن موجودة من قبل؟ هل وجدت من العدم؟ إذا كان كذلك، فكيف يمكن للعدم أن يكون منشأ للوجود؟ (تأمل بدقّة). على سبيل المثال، يقول الماديون في لوحة زيتية مرسومة على ورقة أنّ زيوت التلوين كانت موجودة، ونحن نسأل: كيف وجدت هذه «الصورة» التي لم تكن موجودة من قبل؟ كل جواب يقدمونه بشأن إيجاد «الصورة» من «العدم» نقدمه نحن أيضاً بشأن إيجاده «المادة». وفي المرحلة الثانية، ينبغي التأكيد على أن خطأ الماديين ناتج عن كلمة «من». هؤلاء تصوروا قولنا: (أن العالم وجد من العدم) شبيه بقولنا (أن المنضدة يوجدت من الخشب) حيث لابدّ من وجود الخشب أوّ لكي توجد المنضدة. بينما جملة «وجود العالم من العدم» لا تعني ذلك. بل تعني «أن العالم لم يكن موجوداً ثم وجد». وهل في هذه العبارة تضاد أو تناقض؟! وبالتعبير الفلسفي: كل موجود ممكن (الذي لا يملك الوجود ذاتياً) له جانبان: ماهية ووجود، «الماهية» هي «المعنى الإِعتباري» الذي يتساوى في نسبته للعدم والوجود. بعبارة اُخرى، الماهية هي المقدار المشترك الذي نفهمه من ملاحظة وجود شيء وعدمه. فهذه الشجرة لم تكن موجودة سابقاً وهي موجودة الآن، والشخص الفلاني لم يكن موجوداً سابقاً وهو الآن موجود، وما أسندنا إليه الحالتين (الوجود والعدم) هي «الماهية». من هنا يكون معنى قولنا (إن الله أوجد العالم من العدم) هو أنه سبحان نقل الماهية من حالة العدم إلى حالة الوجود، وبعبارة اُخرى وضع لباس «الوجود» على جسد «الماهية ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ منشئهما لا من شيء ولا على مثال سبق ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْراً﴾ أراد خلقه وفعله ﴿فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ والمراد تمثيل حصول ما تعلقت به إرادته بلا مهلة بطاعة المأمور بلا توقف لا حقيقة أمر وامتثال.