أسباب النّزول
روي عن ابن عباس بشأن نزول الآية الاُولى أن يهود المدينة ونصارى نجران، كانوا يأملون أن تكون قبلة المسلمين موافقة دائماً لقبلتهم، فلمّا تغيّرت قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى الكعبة يئسوا من نبي الإِسلام.
يولعل بعض المسلمين لم يرق له هذا التغيير، لرغبته أن لا يحدث عم يؤدي إلى إزعاج اليهود والنصارى.
الآية الاُولى نزلت لتعلن للنبي أن هذه الفئة من اليهود والنصارى لا ترضى عنك بالإِشتراك في قبلتهم ولا بأي شيء آخر، إلاّ أن تقبل كلَّ ما يتبعونه.
وقيل: إن الآية نزلت إثر إصرار النّبي على إرضاء أهل الكتاب طمعاً في قبولهم الإِسلام، فنزلت الآية لتؤكد أن رضى هؤلاء غاية لا تدرك إلا بإعتناق دينهم.
وبشأن نزول الآية الثانية وردت روايات مختلفة، قيل إنها نزلت فيمن إلتحق بجعفر بن أبي طالب لدى عودته من الحبشة وهم أربعون نفراً، إثنان وثلاثون من أهل الحبشة وثمانية رهبان فيهم «بحيرا» الراهب المعروف.
وقيل إنّها نزلت في يهود أسلموا وحسن إسلامهم من أمثال: عبد الله بن سلام وسعيد بن عمرو، وتمام بن يهودا.
التّفسير
إرضاء هذه المجموعة محال:
الآية السابقة رفعت المسؤولية عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إزاء الضالين المعاندين.
والآية أعلاه تواصل الموضوع السابق وتخاطب الرّسول بأن لا يحاول عبثاً في كسب رضا اليهود والنصارى لأنه: ﴿وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارى حَتَّى تَتَّبعَ مِلَّتَهُمْ﴾.
واجبك أن تقول لهم: ﴿إِنَّ هُدى اللهِ هُوَ الهُدى﴾، هدى الله هو الهدى البعيد عن الخرافات وعن الأفكار التافهة التي تفرزها عقول الجهّال، ويجب إتباع مثل هذا الهدى الخالص.
ثم تقول الآية: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِير﴾.
﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ إقناط له تعالى عن إسلامهم وكأنهم قالوا ذلك فحكاه تعالى ولذا قال ﴿قُلْ﴾ مجيبا لهم ﴿إِنَّ هُدَى اللّهِ﴾ أي الإسلام ﴿هُوَ الْهُدَى﴾ بالحق لا ما تدعون إليه ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم﴾ بدعهم ﴿بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ أي الدين الصحيح أو البيان ﴿مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾ يدفع عنك من قبيل إياك أعني.