وتشير الآية بعدها إِلى روحيّة جماعة ممن يميلون إِلى الشرك في ساحة بدر، فتقول: (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غرّ هؤلاء دينهم).
حين تصوروا أنّهم سينتصرون مع قلّة العدد والعدّة، أو أنّهم سينالون الشهادة والحياة الابدية في هذا المسار.
لكن هؤلاء لعدم إيمانهم وعدم معرفتهم بالإِمداد الإِلهي أنكروا تلك الحقائق البينة، لأنّه كما تقول الآية المباركة: (ومن يتوكل على الله فإنَّ الله عزيز حكيم).
وقد اختلف المفسّرون في المراد من (المنافقين) و (الذين في قلوبهم مرض) ولا يُستبعد أن تكون العبارتان تشيران إِلى المنافقين في المدينة، لأنّ القرآن الكريم عندما يتعرض لموضوع المنافقين في أوّل سورة البقرة يقول: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) (2).
فهؤلاء الذين ذكرتهم الآية - محل البحث - إمّا أنّهم من المنافقين الذين التحقوا بصفوف المسلمين من المدينة، وكانوا يظهرون الإِسلام والإِيمان ولم يكونوا في حقيقتهم كذلك، أو أنّهم من الذين تظاهروا بالإِيمان في مكّة لكنّهم لم يهاجروا إِلى المدينة وانضموا في معركة بدر إِلى صفوف المشركين، فلمّا رأوا قلّة المسلمين في معركة بدر قبال جيوش الكافرين قالوا: إنّ هؤلاء أصابهم الغرور في دينهم الجديد وجاءوا إِلى هذه الساحة.
وعلى أية حال فإنّ الله سبحانه يخبر عن نيّات هؤلاء الباطنية، ويوضح الخطأ في تفكير هؤلاء وأمثالهم.
﴿إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ شك في الإسلام مع إظهاره ﴿غَرَّ هَؤُلاء﴾ أي المسلمين ﴿دِينُهُمْ﴾ إذ خرجوا مع قلتهم إلى قتال الجيش الكثير ظانين النصر بسببه فأجيبوا ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ﴾ غالب لا يغلب حزبه وإن قل ﴿حَكِيمٌ﴾ في تدبيره.