ثمّ توضح الآية التالية أصل هذا الموضوع فتقول: (ذلك بأنّ الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
وبعبارة أُخرى: إنّ الرحمة الرّبانيّة عامّة تسع جميع الخلق، لكنّها تبلغُ الناس وتصل إليهم بما يناسب كفاءتهم وشأنهم، فإنّ الله سبحانه يغدق مبتدئاً بنعمه الماديّة والمعنويّة على جميع الأُمم، فإذا استفادوا من تلك النعم في السير نحو الكمال والإِستمداد منها في سبيل الحق تعالى والشكر على نعمائه، بالإِفادة منها إفادةً صحيحة، فإنّ الله سبحانه سيثّبت نعماءه ويزيدها.
﴿ذَلِكَ﴾ التعذيب لهم ﴿بِأَنَّ﴾ بسبب أن ﴿اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ﴾ مبدلا لها بنقمة ﴿حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ من النعم بكفرها ﴿وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ﴾ لأقوالهم ﴿عَلِيمٌ﴾ بأفعالهم.