التّفسير
ليس من واجبك الإِكراه:
تعتبر هذه الآيات نتيجة للآيات السابقة، ففي البداية تقول: (قد جاءكم بصائر من ربّكم).
"بصائر" جمع "بصيرة" من "البصر" بمعنى الرؤية، ولكنّها في الغالب رؤية ذهنية وعقلانية، وقد تطلق على كل ما يؤدي إِلى الفهم والإِدراك، وهذه الكلمة في هذه الآيات تعني الدليل والشاهد، وتشمل جميع الدلائل التي وردت في الآيات السابقة، بل إِنّها تشمل حتى القرآن نفسه.
ثمّ لكي تبيّن أنّ هذه الأدلة والبراهين كافية لإِظهار الحقيقة لأنّها منطقية، تقول: (فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها)، أي أنّ إِبصارهم يعود بالنفع عليهم وعماهم يسبب الإِضرار بهم.
وفي نهاية الآية تقول، على لسان النّبي (ص) : (وما أنا عليكم بحفيظ).
للمفسّرين إِحتمالان في تفسير هذا المقطع من الآية:
الأوّل: إِنّي لست أنا المسؤول عن مراقبتكم والمحافظة عليكم وملاحظة أعمالكم، فالله هو الذي يحافظ على الجميع، وهو الذي يعاقب ويثيب الجميع، أنّ واجبي لا يتعدى إِبلاغ الرسالة وبذل الجهد لهداية الناس.
والآخر: أنا غير مأمور لأحملكم بالجبر والإِكراه على قبول الإِيمان، إِنّما واجبي هو أن أدعوكم إِلى ذلك بتبيان الحقائق بالمنطق والحجّة وأنتم الذين تتخذون قراركم النهائي.
وليس ما يمنع من إنطواء العبارة على كلا المعنيين.
﴿ قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ﴾ حجج ﴿مِن رَّبِّكُمْ﴾ تبصركم الحق ﴿فَمَنْ أَبْصَرَ﴾ الحق وآمن ﴿فَلِنَفْسِهِ﴾ أبصر وإياها نفع ﴿وَمَنْ عَمِيَ﴾ عنه ﴿فَعَلَيْهَا﴾ وبال عماه ﴿وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ﴾ أحفظ أعمالكم إنما أنت منذر والكلام عن لسان النبي.