التّفسير
دار الكلام في الآيات السابقة حول الجانب الإِيجابي من مسألة اللحوم، أي أكل اللحوم الحلال، وفي هذه الآية تأكيد للجانب السلبي من المسألة: (ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه) ثمّ في جملة واحدة يدين هذا العمل: (وإنّه لفسق) وإِثم وخروج عن طريق العبودية وإِطاعة الله.
ولكيلا يقع بعض البسطاء من المسلمين تحت تأثير وسوسة الشيطان، تخاطبهم الآية: إِنّ الشياطين يوسوسون في الخفاء لأتباعهم لكي يدخلوا معكم في جدل ونقاش: (وإِنّ الشياطين ليوحون إِلى أوليائهم ليجادلوكم) ولكن كونوا على حذر، ولا تطيعوهم: (وإِن أطعتموهم إِنّكم لمشركون).
لعل هذا الجدل والوسوسة إِشارة إِلى ما كان سائداً بين المشركين بشأن أكل الميتة (وذهب البعض إِلى أنّ العرب المشركين أخذوه من المجوس) وقولهم: إِنّنا نأكل الميتة لأنّ الله أماتها، وهي لذلك أفضل ممّا نقتله بأيدينا، معتقدين أن عدم أكل الميتة نوع من الجفاء لعمل الله! غافلين أنّ الحيوان الميت موتاً طبيعاً، إِضافة إِلى مرضه غالباً، يضم بين لحمه دماً قذراً فاسداً يفسد معه اللحم، بسبب عدم إِنقطاع أوداجه، ولذلك أمر الله أن تؤكل - فقط - لحوم الحيوانات المذبوحة بطريقة خاصّة، والمراق دمها خارج بدنها.
ويستفاد من هذه الآية - ضمنياً - حرمة الذبيحة غير الإِسلامية، لأنّها إِضافة إِلى الجهات الأُخرى - لم يتقيد ذابحها بذكر اسم الله عليها.
﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ﴾ أي الأكل منه ﴿لَفِسْقٌ﴾ خروج عن طاعة الله ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ﴾ الكفار ﴿لِيُجَادِلُوكُمْ﴾ في تحليل الميتة بقولهم ما قتل الله أحق أن تأكلوه مما قتلتم ﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ﴾ في ذلك ﴿إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ بترك دين الله إلى دينهم.