الآية التالية تشرح كيفية التوبة الصحيحة، فيقول تعالى: (ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً).(6)
يعني أن التوبة وترك الذنب ينبغي ألا تكون بسبب قبح الذنب، بل ينبغي - إضافة إلى ذلك - أن يكون الدافع إليها خلوص النية، والعودة إلى الله تبارك وتعالى.
لهذا فإنّ ترك شرب الخمر أو الكذب بسبب إضرارهما مثلا، وإن كان حسناً، لكنّ القيمة الأسس لهذا الفعل لا تتحقق إلاّ إذا استمدَّ من الدافع الربّاني.
بعض المفسّرين ذكروا تفسيراً آخر لهذه الآية، وهو أن هذه الجملة جواب على التعجب الذي قد تسببه الآية السابقة أحياناً في بعض الأذهان، وهو: كيف يمكن أن يبدل الله السيئات حسنات؟!، فتجيب هذه الآية: حينما يؤوب الإنسان إلى ربه العظيم، فلا عجب في هذا الأمر.
تفسير ثالث ذكر لهذه الآية، وهو أن كلَّ من تاب من ذنبه فإنّه يعود إلى الله، ومثوبته بلا حساب.
وبالرغم من عدم وجود منافاة بين هذه التفاسير الثلاثة، لكن التّفسير الأوّل أقرب، خاصّة وأنّه يتفق مع الرّواية المنقولة في تفسير علي بن إبراهيم القمي في ذيل هذه الآية.
﴿وَمَن تَابَ﴾ من ذنوبه بتركها والندم عليها ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا﴾ يرجع إليه بذلك مرجعا مرضيا دافعا للعقاب جالبا للثواب.