الصفة الحادية عشر لهذه النخبة امتلاك العين الباصرة والأذن السامعة حين مواجهتهم لآيات الخالق، فيقول تعالى: (والذين إذا ذكروا بآيات ربّهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً).
من المسلّم أنّ المقصود ليس الإشارة إلى عمل الكفار، ذلك لأنّهم لا اعتناء لهم بآيات الله أصلا، بل إن المقصود: فئة المنافقين أو مسلمو الظاهر، الذين يقعون على آيات الله بأعين وآذان موصدة، دون أن يتدبروا حقائقها ويسبروا غورها، فيعرفوا ما يريده الله ويتفكروا فيه، ويستهدوه في أعمالهم.
ولا يمكن طي طريق الله بعين وأذن موصدتين، فالأذن السامعة والعين الباصرة لازمتان لطي هذا الطريق، العين الناظرة في الباطن، المتعمقة في الأشياء، والأذن المرهفة العارفة بلطائف الحكمة.
ولو تأملنا جيداً لأدركنا أن ضرر هذه الفئة ذات الأعين والآذان الموصدة وفي ظنها أنّها تتبع الآيات الإلهية، ليس أقلّ من ضرر الأعداء الذين يطعنون بأصل شريعة الحق عن وعي وسبق اصرار، بل أن ضررهم أكثر بمراتب أحياناً.
التلقي الواعي عن الدين هو المعين الأساس للمقاومة والثبات والصمود، لأنْ من اليسير خداع من يقتصر على ظواهر الدين، وبتحريفه يتم الإنحراف عن الخط الأصيل، فيهوي بهم ذلك إلى وادي الكفر والضلالة وعدم الإيمان.
هذا النوع من الأفراد أداة بيد الأعداء، ولقمة سائغة للشياطين، المؤمنون وحدهم هم المتدبرون المبصرون السامعون كمثل الجبل الراسخ، فلا يكونون لعبة بيد هذا أو ذاك.
نقرأ في حديث عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله(ع) عن قول الله عزَّوجلّ: (والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً) ، قال: "مستبصرين ليسوا بشكاك".(1)
﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ القرآن أو الوعظ ﴿لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ نفي للحال دون الفعل أي لم يكبوا عليها غير منتفعين بها كالصم والعميان بل أكبوا عليها وأعين لها متبصرين ما فيها.