الآية الأُولى تستدل على ما سبق في الآيات التي مرّت بشأن عدم ظلم الله تعالى، وتؤكّد أنّ الله لا حاجة له بشيء وهو عطوف ورحيم، وعليه لا دافع له على أن يظلم أحداً أبداً، لأن من يظلم لابدّ أن يكون محتاجاً، أو أن يكون قاسي القلب فظاً: (وربّك الغني ذو الرحمة) كما أنّه لا حاجة له بطاعة البشر، ولا يخشى من ذنوبهم، بل إِنّه قادر على إزالة كل جماعة بشرية ووضع آخرين مكانها كما فعل بمن سبق تلك الجماعة: (إِن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم من يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين).
بناءاً على ذلك فهو غني لا حاجة به إِلى شيء، ورحيم، وقادر على كل شيء، فلا يمكن إِذن أن نتصوره ظالماً.
وإِذا أدركنا قدرته التي لا حدود لها يتّضح لنا أنّ ما وعده بشأن يوم القيامة والجزاء سوف يتحقق في موعده بدون أي تخلف: (إِنّ ما توعدون لآت).
كما أنّكم لا تستطيعون أن تخرجوا عن نطاق حكمه ولا أن تهربوا من قبضته العادلة: (وما أنتم بمعجزين) (1).
﴿وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ﴾ عن خلقه وإطاعتهم ﴿ذُو الرَّحْمَةِ﴾ يترحم عليهم بالتكليف ليعرضهم للنفع الدائم ﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ يهلككم أيها العصاة ﴿وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء﴾ من الحق ﴿كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ﴾ بيان لقدرته على استخلاف قوم مكان قوم.