الآية التّالية تشير إِلى حكم خرافي آخر بشأن لحوم الحيوانات، يقضي بأنّ حمل هذه الأنعام يختص بالذكور، وهو حرام على الزوجات، أمّا إِذا خرج ما في بطونها ميتاً، فكلهم شركاء فيه: (وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإِن يكن ميتة فهم فيه شركاء).
ولابدّ من الإِشارة إِلى أنّ (هذه الأنعام) هي الحيوانات التي ذكرناها من قبل.
يرى بعض المفسّرين أنّ عبارة (ما في بطون هذه الأنعام) تشمل لبن هذه الأنعام، ولكن عبارة (وإِن يكن ميتة) تبيّن أنّ المقصود هو الجنين الذي إِذا ولد حيّاً فهو للذكور، وإِنّ ولد ميتاً - وهو ما لم يكن مرغوباً عندهم - فهم جميعاً شركاء فيه بالتساوي.
هذا الحكم لا يقوم - أوّلا - على أي دليل، وهو - ثانياً - قبيح وبشع فيما يتعلق بالجنين الميت، لأنّ لحم الحيوان الميت يكون في الغالب فاسداً ومضراً، ثمّ هو - ثالثاً - نوع من التمييز بين الرجل والمرأة، بجعل الطيب للرجال فقط، وبجعل المرأة شريكة في الفاسد فقط.
ينهي القرآن هذا الحكم الجاهلي، ويقرر أنّ الله سوف يعاقبهم على هذه الأوصاف، (سيجزيهم وصفهم).
"الوصف" هنا يشير إِلى ما كانوا ينسبونه إِلى الله، كأنّ ينسبون إِليه تحريم هذه اللحوم بالرغم من أنّ المقصود هو الصفة أو الحالة التي تستولي على المذنب على أثر تكرار، الإِثم وتجعله مستحقاً للعقاب، وختاماً تقول: (إِنّه حكيم عليم).
فهو عليم بأعمالهم وأقوالهم وإِتهاماتهم الكاذبة، كما أنّه يعاقبهم وفق حساب وحكمة.
﴿وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ﴾ أجنة البحائر والسوائب ﴿خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا﴾ حلال لهم تأنيثها بمعنى ما أي الأجنة أو تاؤها للمبالغة كرواية الشعر ﴿وَمُحَرَّمٌ﴾ ذكر للفظ ما ﴿عَلَى أَزْوَاجِنَا﴾ أي الإناث إن ولد حيا ﴿وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ﴾ الذكور والإناث ﴿فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ﴾ جزاء وصفهم الكذب على الله ﴿إِنَّهُ حِكِيمٌ﴾ في فعله ﴿عَلِيمٌ﴾ بخلقه.