التّفسير
الأوامر العشرة:
بعد نفي أحكام المشركين المختلقة التي مرّت في الآيات المتقدمة، أشارت هذه الآيات الثلاثة إِلى أصول المحرمات في الإِسلام، وذكرت الذنوب الرئيسية الكبيرة في عشرة أقسام ببيان مقتضب، عميق وفريد، ودعت المشركين إِلى أن يحضروا عند النّبي ويستمعوا إِلى ما يتلى عليهم من المحرمات الإِلهية الواقعية، ويتركوا المحرمات المختلقة جانباً.
يقول أوّلا: (قل تعالَوا أَتلُ ما حرّم ربكم عليكم).
1 - (ألاّ تشركوا به شيئاً).
2 - (وبالوالدين إِحساناً).
3 - (ولا تقتلوا أولادكم مِن إِملاق) أي بسبب الفقر والحرمان لأنّنا (نحن نرزقكم وإِيّاهم).
4 - (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) أي لا تقربوها فضلا عن أن لا ترتكبوها.
5 - (ولا تقتلوا النفس التي حرم اللهُ إِلاّ بالحق) فلا تسفكوا الدّماء البريئة، ولا تقتلوا النفوس التي حرم الله قتلها إِلاّ ضمن قوانين العقوبات الإِلهية، فيجوز أن تقتلوا من أذِنَ الله لكم بقتله.
ثمّ إِنّه تعالى بعد ذكر هذه الأقسام الخمسة يقول لمزيد من التأكيد: (ذلكم وصّاكم به لعلّكم تعقلون) فلا ترتكبوها.
﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ﴾ أقرأ ﴿مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ﴾ أن مفسرة وتعليق المفسر وهو أتل بما حرم لا يمنع عطف الأوامر عليه لرجوع التحريم فيها إلى أضدادها وإن جعل ناصبة فهي منصوبة بعليكم على الإغراء أو بالبدل من ما على زيادة لا أو مجرور بلام مقدرة ﴿شَيْئًا﴾ مفعول أو مصدر ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ﴾ وأحسنوا بهما ﴿إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ﴾ من خشية فقر ﴿نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ﴾ الكبائر أو الزنا ﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ علانيتها وسرها كقوله ظاهر الإثم وباطنه ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ كالقود وحد المحصن والمرتد ﴿ذَلِكُمْ﴾ المذكور ﴿وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ ما وصاكم ولا تضيعونه.