ووصية إبراهيم بنيه في أواخر أيّام حياته تجسيد آخر لهذه الحياة الشامخة: ﴿وَوَصّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ﴾... فكل من إبراهيم ويعقوب وصّيا أَبْنَاءهُما بالقول: ﴿يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
لعلّ القرآن الكريم، بنقله وصية إبراهيم، يريد أن يقول للإنسان إنه مسؤول عن مستقبل أبنائه، عليه أن يهتم بمستقبلهم المعنوي قبل أن يهتم بمستقبلهم المادي.
يعقوب كإبراهيم وصّى أيضاً أبناءه، بنفس هذه الوصايا، وأكد لأبنائه أن رمز نجاحهم يتلخص في جملة واحدة، هي التسليم لربّ العالمين.
ربّما يعود ذكر اسم يعقوب هنا من بين سائر الأنبياء، إلى أن اليهود والنصارى كانوا يعتقدون بانتسابهم إلى يعقوب بشكل من الأشكال، فأرادت الآية أن توضح لهم أن خط الشرك الذي يسلكونه لا يتناسب مع منهج يعقوب، وهو منهج التسليم المحض لربّ العالمين.
﴿وَوَصَّى بِهَا﴾ بالملة أو كلمة أسلمت ﴿إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ﴾ الأربعة إسماعيل وإسحق ومدين ومدان ﴿وَيَعْقُوبُ﴾ أي وصى بها يعقوب بنيه الاثني عشر قائلا ﴿يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ﴾ الإسلام ﴿فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء﴾ إنكاري أي ما كنتم حاضرين