ثمّ يتحدث القرآن عن مواقف المشركين والكفار من آيات القرآن فيقول: (وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلاّ كانوا عنه معرضين).
والتعبير بـ "ذكر" هو إشارة إلى أن القرآن موقظ ومنبّه، وهذا الأمر متحقّق في جميع آياته وسوره! إلاّ أن هذه الجماعة معرضة عن ذكره وتنبيهه، فهي تفرّ عن كل ذلك!...
والتعبير بـ "الرحمن" إشارة إلى أن نزول هذه الآيات من قبل الله إنّما هو من رحمته العامّة، إذ تدعو جميع الناس دون استثناء إلى السعادة والكمال!
كما أن هذا التعبير - أيضاً - ربّما كان لتحريك الإحساس بالشكر لله، فهذا الذكر من الله الذي عمّت نعمه وجودكم من القرن إلى القدم، فكيف يمكن الإعراض عن ولي النعمة؟! وإذا كان سبحانه لا يتعجل بإنزال العذاب عليكم، فذلك من رحمته أيضاً...
والتعبير بـ "محدث" - أي جديد - إشارة إلى أن آيات القرآن تنزل واحدةً تلو الأُخرى، وكلُّ منها ذو محتوى جديد، ولكن ما جدوى ذلك، فهم مع كل هذه الحقائق الجديدة - معرضون... فكأنّهم اتّفقوا على خرافات السلف وتعلّقوا بها - فهم لا يرضون أن يودّعوا ضلالهم وجهلهم وخرافاتهم!! فأساساً مهما كان الجديد موجباً للهداية، فإنّ الجهلة والمتعصبين يخالفون الحق ولا يذعنون له...
ونقرأ في سورة "المؤمنون" الآية 68 منه إذ تقول: (أفلم يدبّروا القول أم جاءهم مالم يأتِ آباءهم الأولين) فبذريعة مالم يأت آباءهم تجدهم متعصبين مخالفين!
﴿وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ﴾ قرآن ﴿مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ﴾ مجدد تنزيله ﴿إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ﴾ إلا جددوا إعراضا عنه وكفرا به.