ثمّ يضيف القرآن: (إنّما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر).
ويعقّب مؤكّداً عدم إيمانهم بالقول: (وارتابت قلوبُهم فهم في ريبهم يترددون).
وبالرّغم من أنّ الصفات الواردة في الآيات آنفاً جاءت بصيغة الفعل المضارع، إلاّ أنّ المراد منها بيان صفات المؤمنين وصفات المنافقين وأحوالهم، ولا فرق بين الماضي والحال والإستقبال في ذلك.
وعلى كل حال فإن المؤمنين - بسبب إيمانهم - لديهم إرادة ثابتة وتصميم أكيد لا يقبل التهاون والرجوع حيث يرون طريقهم بجلاء ووضوح، فمقصدهم معلوم وهدفهم واضح، ولذلك فهم يمضون بخطى واثقة نحو الأمام ولا يترددون أبداً.
أمّا المنافقون فلأن هدفهم مظلم وغير معلوم، فهم مترددون حائرون ذاهلون، ويبحثون دائماً عن الأعذار والحجج الواهية للتخلص والفرار من تحمل المسؤولية الملقاة على عواتقهم.
وهاتان العلامتان لا تختصان بالمؤمنين والمنافقين في صدر الإسلام ومعركة تبوك فحسب، بل يمكن في عصرنا الحاضر أن نميز المؤمنين الصادقين من المدَّعين الكاذبين بهاتين الصفتين.
فالمؤمن شجاع ذو إِرادة وتصميم وخطى واثقة، والمنافق جبان وخائف ومتردد وحائر ويبحث عن المعاذير دائماً.
﴿إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ﴾ في التخلف ﴿الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ شكت ﴿فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾ يتحيرون.