التّفسير:
عدم وجودهم أفضل:
في الآية الأُولى - من الآيات أعلاه - بيان لعلامة أُخرى من علائم كذبهم، وهي في الحقيقة تكمل البحث الوارد في الآيات المتقدمة آنفاً، إِذ جاء فيها (والله يعلم أنّهم لكاذبون) فالآية محل البحث تقول: (ولو أرادوا الخروج لأعدّوا له عدّة) ، ولم ينتظروا الإذن لهم، (ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم (1) وقيل اقعدوا مع القاعدين).
وهناك كلام بين المفسّرين في المراد بـ "قيل اقعدوا" فمن هو القائل؟!
أهو الله سبحانه، أم النّبي، أم باطنهم؟!
الظاهر أنّه أمر تكويني نهض من باطنهم المظلم، وإنّه مقتضى عقيدتهم الفاسدة وأعمالهم القبيحة، وكثيراً ما يُرى أن مقتضى الحال يظهرونه في هيئة الأمر أو النهي.
ويستفاد من الآية محل البحث أنّ لكلّ عمل ونيّة اقتضاءً يُبتلى به الإِنسان شاء أم أبى، وليس لكلّ أحد قابلية السير في سبيل الله وتحمّل الأعباء الكبرى، بل هو توفيق من قِبَل الله يوليه من يجد فيه طهارة النيّة والإِستعداد والإِخلاص.
﴿وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ﴾ معك ﴿لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً﴾ أهبة من سلاح وزاد ﴿وَلَكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ﴾ خروجهم لعلمه بما يكون فيه الفساد ﴿فَثَبَّطَهُمْ﴾ فكسلهم عنه لذلك ﴿وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾ المرضى والنساء والصبيان أي ألقى الله في قلوبهم ذلك.