التّفسير
تشير هذه الآيات إِلى قسم آخر من علامات المنافقين وعواقب أعمالهم ونتائجها، وتبيّن بوضوح كيف أن أعمالهم لا أثر لها ولا قيمة، ولا تعود عليهم بأيّ نفع.
ولما كانَ - من بين الأعمال الصالحة - الإِنفاق في سبيل الله "الزكاة بمعناها الواسع" والصلاة "وهي العلاقة بين الخلق والخالق" - لهما موقع خاص، فقد اهتمّت الآيات بهذين القسمين اهتماماً خاصاً!
تخاطب الآيات النّبي الكريم فتقول: (قل انفقوا طوعاً أو كرهاً لن يتقبل منكم) (1).
ثمّ تشير الآية إلى سبب ذلك فتقول: (إنّكم كنتم قوماً فاسقين).
فنيّاتكم غير خالصة، وأعمالكم غير طاهرة، وقلوبكم مظلمة، وإنّما يتقبل الله العمل الطاهر من الورع التقي.
وواضح أنّ المراد من الفسق هنا ليس هو الذنب البسيط والمألوف، لأنّه قد يرتكب الإِنسان ذنباً وهو في الوقت ذاته قد يكون مخلصاً في أعماله، بل المراد منه الكفر والنفاق، أو تلوّث الإِنفاق بالرياء والتظاهر.
﴿قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾ معناه الخبر أي ﴿لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ﴾ ما أنفقتم طوعا أو كرها ﴿إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ علة ما سبق.