يعرفون حقّ المعرفة ولكن...
استمراراً لحديث القرآن عن تعصب مجموعة من أهل الكتاب ولجاجهم، تقول الآية: ﴿أَلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَه كما يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾.
إنهم يعرفون النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واسمه وعلاماته من خلال كتبهم الدينية، ﴿وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.
وهناك طبعاً فريق سارع لاعتناق الإِسلام بعد أن رأى هذه الصفات والعلامات في نبي الإسلام، مثل عبد الله بن سلام وهو من علماء اليهود، ونقل عنه بعد إسلامه قوله «أنا أعلم به مني بابني».
هذه الآية تميط اللثام في الواقع عن حقيقة هامّة، هي إن صفات نبي الإِسلام الجسمية والروحية وخصائصه كانت بقدر من الوضوح في الكتب السماوية السابقة، بحيث ترسم الصورة الكاملة في أذهان المطلعين على هذه الكتب.
وهل من الممكن أن تصرح الآية بوجود اسم النّبي وعلاماته في كتب أهل الكتاب إذا لم تكن بالفعل موجودة عندهم؟! ألا يدل عدم معارضة علماء اليهود لهذا التصريح، بل اعتراف بعضهم به واستسلامهم للحق، أن اسم النّبي الخاتم وصفاته كانت معروفة لديهم!؟
هذه الآيات - إذن - دليل على صدق دعوة الرّسول وصحّة نبوته.
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ﴾ أي علماؤهم ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ أي محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) بأوصافه ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ﴾ لا يشبهون عليهم بغيرهم أو الضمير للعلم أو القرآن أو تحويل القبلة