التّفسير
يستمر الكلام في هذه الآيات حول المنافقين، وهي توبّخهم وتذمهم فتقول: (أو لا يرون أنّهم يفتنون في كل عام مرّة أو مرّتين) والعجيب أنّهم رغم هذه الإِمتحانات المتلاحقة لايعتبرون (ثمّ لا يتوبون ولا هم يذكرون).
وهناك بحث بين المفسّرين في أنّه ما هو المراد من هذا الإختبار السنوي الذي يجري مرّة أو مرّتين؟
فالبعض يقول: إِنّه الأمراض، والبعض الآخر يقول: إِنّه الجوع والشدائد الأُخرى، وثالث يقول: إِنّه مشاهدة آثار عظمة الإِسلام وأحقية النّبي الأكرم (ص) في ساحات الجهاد التي كان يحضرها هؤلاء المنافقون بحكم الضغط الإِجتماعي وظروف البيئة التي يعيشونها، ورابع يعتقد أنّه رفع الستار عن أسرارهم، وفضيحتهم.
غير أنا إِذا قرأنا آخر الآية حيث تذكر أنّ هؤلاء لم يتذكروا رغم كل ذلك، سيتّضح أنّ هذا الإِختبار من الإِختبارات التي ينبغي أن تكون سبباً في توعية هذه المجموعة.
ويظهر أيضاً من تعبير الآية أنّ هذا الإختبار يختلف عن الإِختبار العام الذي يواجهه كل الناس في حياتهم.
وإِذا أخذنا هذا الموضوع بنظر الإِعتبار فسيظهر أن التّفسير الرّابع - أي إِزاحة الستار عن أعمال هؤلاء السيئة وظهور باطنهم وحقيقتهم - أقرب إِلى مفهوم الآية.
ويحتمل أيضاً أن يكون للإِمتحان والإِبتلاء في هذه الآية مفهوم جامع بحيث يشمل كل هذه المواضيع.
﴿أَوَلاَ يَرَوْنَ﴾ أي المنافقون وقرىء بالتاء ﴿أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ﴾ أي يبتلون ﴿فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾ بالتشديد أو الغزو مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيعاينوا آيات نصره ﴿ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ﴾ من نفاقهم ﴿وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ يتعظون.