التّفسير
الخصام بين المشركين ومعبوداتهم:
أشير في آخر آية من البحث السابق إلى يوم القيامة ومسألة المعاد... أمّا في هذه الآيات فنلحظ تصوير يوم القيامة ببيان جامع، كما نلاحظ فيها أهم المتاع "في تلك السُوق"، وعاقبة المؤمنين وعاقبة الكافرين والضالين وجنود إبليس، ويدلُّ ظاهر الآيات أن هذا الوصف وهذا التصوير هو من كلام إبراهيم الخليل، وأنه ختام دعائه ربَّه، وهكذا يعتقد - أيضاً - أغلب المفسّرين... وإن كان هناك مَنْ يحتمل أنه هو من كلام الله، وأن الآيات محل البحث هي منه سبحانه جاءت مكملةً لكلام إبراهيم(ع) وموضحة له، إلاّ أن هذا الإحتمال يبدو ضعيفاً!...
وعلى كل حال، فأوّل ما تبدأ به هذه الآيات هو (يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون).
وفي الحقيقة إنّ هاتين الدعامتين المهمتين في الحياة الدنيا "المال والبنون" ليس فيهما أدنى نفع لصاحبهما يوم القيامة، وكل ما كان دون هاتين الدعامتين رتبةً من الأُمور الدنيوية - من باب أولى - لا نفع فيه، ولا فائدة من ورائه!
وبديهي أنّ المراد من المال والبنين هنا ليس هو ما يكون - من المال والبنين - في مرضاة الله، بل المراد منه الإستناد إلى الأُمور الماديّة، فالمراد إذاً هو أن هذه الدعامات المادية لا تحلُّ معضلا في ذلك اليوم ... أمّا لو كان أىٌّ من البنين والمال في مرضاة الله فلن يكون ذلك مادّياً.. إذ يصطبغ بصيغة الله ويُعدّ من "الباقيات الصالحات"!...
﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ﴾.