لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
تقول الآية: ﴿وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ﴾ ثم تؤكد هذا المفهوم ثانية بالإستدراك ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ﴾. في كل حركة - أساساً - تنزوي مجموعة محبّة للعافية، وتبتعد عن الاُمّة الثائرة، ولا تكتفي هي بالتقاعس والتكاسل، بل تسعى إلى تثبيط عزائم الآخرين وبثّ الرخوة والتماهل في المجتمع. وما أن تظهر حادثة مؤلمة حتى يعربون عن أسفهم وينقمون على الحركة التي أدت إلى هذه الحادثة، غافلين أن كل هدف مقدس يحتاج إلى تضحيات، وتلك سنة كونية. القرآن الكريم يتحدث عن مثل هذه الفئة كراراً ويؤنّبهم بشدّة. ثمة أفراد من هؤلاء كانوا يتظاهرون بالتأسف والتألم على (موت) شهيد من شهداء الإسلام في المعركة، ويبعثون بذلك القلق والاضطراب في النفوس. والله سبحانه يرد على هذه الأقاويل السامة بالكشف عن حقيقة كبرى هي إن الذين يضحون بأنفسهم في سبيل الله ليسوا بأموات... هؤلآء أحياء... ويتمتعون بنعم الله ورضوانه، لكن البشر المحدودين في عالم الحسّ لا يدركون هذه الحقائق. بحوث 1 - خلود الشّهداء: للمفسرين آراء مختلفة في معنى حياة الشّهداء وخلودهم. ظاهر الآية يشيردون شك إلى أنّهم يتمتعون بنوع من الحياة البرزخية الروحية، لأن أجسامهم قد تلاشت، فهم يعيشون تلك الحياة بجسم مثالي كما يقول الإمام الصادق (عليه السلام) . من المفسرين من قال إنها «حياة غيبية» خاصة بالشّهداء لا تتوفر لدينا تفاصيلها وخصائصها. وقيل إن الحياة المذكورة في الآية تعني الهداية، والموت يعني الضلال، فتكون الآية قد نهت عن وصف الشهداء بالضلالة، بل هم مهتدون. وقيل إن الشهداء أحياء لأن هدفهم حي ورسالتهم حية. ولكن مع الاخذ بنظر الاعتبار التّفسير الأول للحياة يتضح أن المعاني في الاُخرى غير مقبوله. فلا حاجة لأن نتكلف التّفسيرين التاليين، ولا أن الحياة البرزخية مختصة بالشهداء فهم يحيون حياة برزخية روحانية، ويتنعمون كذلك بالقرب من رحمة الله وبأنواع نِعَمه. 2 - الشّهادة سعادة في الإسلام: قرر الإسلام مسألة الشهادة وبيّن منزلتها العظيمة في الآية أعلاه وآيات يياُخرى لتكون عام فعّا هامّاً على ساحة المواجهة بين الحق والباطل. وهذا العامل أمضى من أي سلاح وأقوى من كل المؤثرات، وهو قادر على أن يجابه أخطر الأسلحة وأفتكها في عصرنا الراهن، وتجربة الثورة الإسلامية في إيران أثبتت ذلك بوضوح. وقد شاهدنا بأم أعيننا إنتصار المندفعين نحو الشهادة - بالرغم من ضعف إمكاناتهم المادية - على أعتى القوى المتجبّرة. ولو ألقينا نظرة على تاريخ الإسلام، والملاحم التي سطرها المسلمون في جهادهم الدّامي، والتضحيات التي قدمها المجاهدون على طريق الرسالة، لألفينا أن الدافع الأساس لكل هذه التضيحات هو درس الشهادة الذي لقنه الإسلام لأبنائه، وبموجبه آمنوا أن الشهادة على طريق الله وطريق الحق والعدالة لا تعني الفناء، بل السعادة والحياة الخالدة. المقاتلون الذين تلقوا مثل هذا الدرس في مثل هذه المدرسة الكبرى، لا يقاسون بالمقاتلين العاديين الذين يفكّرون في صيانة أرواحهم. أولئك يحاربون من أجل الرسالة ويندفعون بشوق عظيم نحو كسب وسام الشهادة. 3 - الحياة البرزخية وبقاء الروح: هذه الآية تثبت بوضوح بقاء الروح والحياة البرزخية للبشر (الحياة بعد الموت وقبل البعث)، وتردّ بصراحة على أولئك الذين ينكرون تعرض القرآن للحياة البرزخية وبقاء الروح. سنفصّل الحديث في هذا الموضوع، وفي موضوع خلود الشّهداء ومنزلتهم العظيمة، في المجلد الثاني من هذا التّفسير عند تناولنا الآية 169 من سورة آل عمران. ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ﴾ أي هم أموات ﴿بَلْ﴾ هم ﴿أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ﴾ كيف حياتهم في الصافي أن أرواح المؤمنين في الجنة على صور أبدانهم فلو رأيته لقلت فلان وعنه (عليه السلام) أنها تصير في مثل قوالبهم ويعرفون القادم عليهم بصورته وعلى هذا فتخصيص الشهداء لمزيد قربهم ونزلت في شهداء بدر وكانوا أربعة عشر.