سبب النزول
قال بعض المفسّرين: إِنّ هذه الآيات نزلت في عدّة نفر من عبدة الأوثان، ذلك أنّهم أتوا إِلى النّبي (ص) وقالوا له: إِنّ ما ورد في هذا القرآن من الأمر بترك عبادة اصنامنا الكبيرة، اللات والعزّى ومناة وهبل، وذم هذه الآلهة، ممّا لا يمكن أن نتحمله، فإِذا أردت أن نتبعك فَأْتِ بقرآن آخر لا يوجد فيه هذا الذم والتوبيخ
لآلهتنا، أو غيّر على الأقل هذه الأُمور التي وردت في هذا القرآن!
فنزلت هذه الآيات وأجابتهم.
التّفسير
كتعقيب للآيات السابقة التي كانت تتحدث عن المبدأ والمعاد، تبحث هذه الآيات نفس الموضوع والمسائل المتعلقة به.
في البداية تشير إِلى واحد من الإِشتباهات الكبيرة لعباد الأصنام، وتقول: (وإِذا تتلى عليهم أياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله).
إِنّ هؤلاء الجهلة العاجزين لم يرضوا بالنّبي (ص) قائداً ومرشداً لهم، بل كانوا يدعون لاتباع خرافاتهم وأباطيلهم ويطلبون منه قرآناً يوافق انحرافاتهم ويؤيدها، لا أنّه يصلح مجتمعهم، فبالاضافة الى أنّهم لم يؤمنوا بالقيامة، ولم يشعروا بالاثمّ في مقابل أعمالهم كان قولهم هذا يدل على أنّهم لم يفهموا معنى النّبوة، أو أنّهم كانوا يتخذونها هزواً.
إِنّ القرآن الكريم يلفت نظر هؤلاء الى هذا الإِشتباه الكبير، ويأمر النّبي (ص) أن يقول لهم: (قل مايكون لي أن أبدّله من تلقاء نفسي) (1) ثمّ يضيف للتأكيد: (إِن اتبع إلاّ مايوحى إِليّ).
ولست عاجزاً عن تغيير أو تبديل هذا الوحي الإلهي - فحسب - بل: (إِنّي أخاف إِن عصيت ربّي عذاب يوم عظيم).
﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾ واضحات ﴿قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا﴾ لا يتضمن عيب آلهتنا ﴿أَوْ بَدِّلْهُ﴾ فاجعل مكانه آية تتضمن ذلك غيرها ﴿قُلْ مَا يَكُونُ﴾ ما يصح ﴿لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ فليس لي التصرف فيه بوجه ﴿إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي﴾ بتبديله ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ هو يوم القيامة.