لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
التّفسير المعجزات المقترحة! مرّة أُخرى يتطرق القرآن الكريم إِلى اختلاق المشركين للحجج عند امتناعهم عن الإِيمان والإِسلام (ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربّه). من الطبيعي، وبدليل القرائن التي سنشير إِليها بعد حين، أنّ هؤلاء لم يقصدوا أي معجزة، لأنّ من المسلّم أنّه كان للنّبي (ص) إِضافةً إِلى القرآن معاجر أُخرى، وتاريخ الإِسلام وبعض الآيات القرآنية شاهدة على هذه الحقيقة. إِنّ هؤلاء كانوا يظنون أنّ الإِعجاز أمر بيد النّبي (ص) ، وهو يستطيع أن يقوم به في أي وقت وبأية كيفية يريد، مضافاً الى أنّه مأمور أن يستفيد من هذه القوّة مقابل كل مُدّع لجوج معاند والعمل حسب ميله لإقناعه وإِقامة الحجة عليه، ولهذا فإِنّ القرآن الكريم يأمر النّبي (ص) مباشرة: (فقل إِنّما الغيب لله) وبناء على هذا، فإِنّ المعجزة ليست بيدي لآتيكم كل يوم بمعجزة جديدة إِرضاءً لأهوائكم وحسب ميولكم ورغباتكم، ثمّ لا تؤمنون بعد ذلك بأعذار واهية وحجج ضعيفة. وفي النهاية تقول الآية بلهجة التهديد: (فانتظروا إِنّي معكم من المنتظرين) فانتظروا العقاب الإِلهي، وأنا أنتظر النصر! أو كونوا بانتظار ظهور مثل هذه المعجزات، وأكون بانتظار عقابكم أيّها المعاندون!. ملاحظتان وهنا ملاحظتان ينبغي الإِلتفات إِليهما: 1 - كما أشرنا أعلاه فإِنّ كلمة (آية) أي المعجزة - وإِن كانت مطلقة وتشمل كل أنواع المعاجز - إلاّ أنّ القرائن تبيّن أنّ هؤلاء لم يطلبوا المعجزة لمعرفة صدق النّبي (ص) ، بل كانوا طلاب معاجز إِقتراحية، أي إِنّهم كانوا كل يوم يقترحون على النّبي (ص) معجرة جديدة ويأملون أن يطيعهم في ذلك، فكأنّ النّبي (ص) إِنسان لا عمل له سوى صنع المعجزات، وهو منتظر لكل من هبّ ودبّ ليقترح عليه شيئاً فيحقق له اقتراحه، غافلين عن أن المعجزة هي من فعل الله سبحانه أوّلا، ولا تتم إِلاّ بأمره وإِرادته، وهي - ثانياً - معجزة لمعرفة أحقّية النّبي (ص) والإهتداء به، ووقوعها مرّة واحدة كاف لهذا الغرض، وعلاوة على ذلك فإِنّ نبيّ الإِسلام قد أظهر من المعجزات القدر الكافي، فطلب المزيد لا يكون إلاّ بدافع الاقتراحات الأهوائية والشهوانية. والشاهد على أنّ المقصود من (الآية) هنا المعجزات الإِقتراحية، هو: أوّلا: إِنّ نهاية الآية تهدد هؤلاء، ولو كانوا يطلبون المعجزة لاكتشاف الحقيقة، فلا وجه لهذا التهديد. ثانياً: رأينا قبل عدّة آيات أن هؤلاء كانوا عنودين ولجوجين إِلى الحد الذي اقترحوا فيه على النّبي (ص) أن يبدل كتابه السماوي، أو يغير على الأقل الآيات التي تشير إِلى نفي عبادة الأصنام. ثالثاً: حسب القاعدة المسلمة لدينا بأنّ "القرآن يفسر بعضه بعضاً" فإِنّا نستطيع أن نفهم جيداً من خلال بعض الآيات - كالآيات (90) و (94) من سورة الإِسراء - أن عبدة الأصنام اللجوجين هؤلاء، لم يكونوا طلاب معجزة لأجل الهداية، ولهذا نراهم كانوا يقولون أحياناً: نحن لن نؤمن لك حتى تفجر العيون من هذه الأرض اليابسة، ويقول الآخر: إِنّ هذا ليس بكاف، بل يجب أن يكون لك بيت من ذهب، وثالث يقول: وهذا أيضاً لا يقنعنا حتى ترقى في السماء أمام أعيننا، ويضيف رابع أنّ هذا الرقي في السماء ليس كافياً أيضاً إلاّ إذا أتيتنا بكتاب من الله لنا!! وأمثال ذلك من السفاسف والخزعبلات. إِذن، فقد اتّضح ممّا قلنا أعلاه أنّ الاستدلال بهذه الآية على نفي أية معجزة، أو كل المعجزات غير القرآن الكريم زيف يجانب الحقيقة، (وستطالعون - إِن شاء الله مزيداً من التوضيح حول هذا الموضوع في ذيل الاية (59) من سورة الإِسراء). 2 - يمكن أن تكون كلمة "الغيب" في جملة: (إِنّما الغيب لله) إِشارة إِلى أنّ المعجزة أمر مربوط بعالم الغيب، وليست من اختيارات الرّسول (ص) ، بل هي مختصة بالله تعالى. أو أن تكون إِشارة إِلى أن مصالح الأُمور والوقت المناسب لنزول المعجزة هي جزء من أسرار الغيب ومختصات الله سبحانه، فمتى رأى أن الوقت مناسب لنزول المعجزه، وأنّ طالب المعجزة باحث عن الحقيقة، أنزل المعجزة، لأنّ الغيب والأسرار الخفية من مختصات ذاته المقدسة. إِلاّ أنّ التّفسير الأوّل يبدو أقرب للصواب. ﴿وَيَقُولُونَ لَوْلاَ﴾ هلا ﴿أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ﴾ أي مما اقترحوه ﴿فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ﴾ لا يعلمه إلا هو فلا ينزل إلا ما يعلم فيه صلاحا ﴿فَانْتَظِرُواْ﴾ نزولها أو العذاب ﴿إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ﴾ لهلاككم.