وتقول آخر آية في بيان العلة في عدم اتباع هؤلاء للحق رغم وضوح الأمر وظهور الحق: (كذلك حقّت كلمة ربّك على الذين فسقوا أنّهم لا يؤمنون) (2) وفي الواقع فإِنّ هذه خاصية الأعمال السيئة المستمرة لهؤلاء بحيث تُظلم قلوبهم وتلوث أرواحهم إِلى درجة لايرون معها الحق رغم وضوحه وتجلّيه، ويسلكون نتيجة لذلك طريق الضلال.
بناء على ذلك، فإِنّ الآية أعلاه لا دلالة لها مطلقاً على مسألة الجبر، بل هي إِشارة إِلى آثار أعمال نفس الإِنسان، لكن لاشك أنّ هذه الأعمال لها تلك الخاصية بأمر الله، تماماً كما نقول لشخص: لقد قلنا لك مائة مرّة أن لا تحوم حول المواد المخدرة والمشروبات المسكرة ولا تتناولها، لكنّك لم تصغ لنا، فأصبحت الآن من المدمنين عليها ومحكوماً بأن تبقى تعيساً لمدّة طويلة.
﴿كَذَلِكَ﴾ كما حققت ألوهيته وربوبيته ﴿حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ﴾ كفروا ﴿أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ سبق علمه بعدم إيمانهم اختيارا.