ثم، ومن أجل أن لا يأخذ الناس هذه الوعود والتهديدات الإِلهية مأخذ الهزل، ولكي لايظنوا أنّ الله عاجز عن تنفيذ هذه الوعود، تضيف الآية: (ألا إِنّ لله ما في السماوات والأرض ألا إِنّ وعد الله حق ولكن أكثرهم لايعلمون) لأنّ جهلهم قد حجب بصيرتهم وجعل عليها غشاوة فلم يعوا الحقيقة.
وتوكّد آخر آية على هذه المسألة الحياتية مرّة أُخرى، حيث تقول: (هو يحيي ويميت) وبناء على ذلك فإِن له القدرة على إِماتة العباد، كما أن له القدرة على إِحيائهم لمحكمة الآخرة، وفي النهاية: (وإِليه ترجعون) وستلاقون جزاء كل أعمالكم هناك.
ملاحظتان
1 - من جملة الأسئلة التي تطرح في مورد الآيات أعلاه: هل أنّ لسؤال المشركين عن واقعية العقاب الإِلهي صفة الإِستهزاء، أم أنّه كان سؤالا حقيقياً؟
ذهب البعض الى أنّ السؤال الحقيقي علامة الشك، وهو لا يناسب وضع المشركين، إلاّ أنّه بملاحظة أنّ كثيراً من المشركين كانوا في حالة تردد، وجماعة منهم أيضاً كانوا على علم بأحقية النّبي (ص) ، وقد وقفوا ضده نتيجة التعصب والعناد وأمثال ذلك، فسيبدو واضحاً أن كون سؤال هؤلاء حقيقياً ليس بعيداً أبداً.
2 - إِن حقيقة الندامة هي الندم على ارتكاب عمل اتّضحت آثاره السلبية سواء استطاع الإِنسان أن يجبر ذلك أم لا، وندم المجرمين في القيامة من النوع الثّاني، وإِنّما كتموه لأنّ إِظهاره سيزيد من فضيحتهم.
﴿أَلا إِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ يفعل به ما يشاء ﴿أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ﴾ بالبعث والجزاء ﴿حَقٌّ﴾ كائن لا محالة ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ لتركهم النظر المؤدي إلى العلم.