التّفسير
هو الشاهد في كل مكان!
كان الحديث في الآيات السابقة عن القرآن، والموعظة الإِلهية والهداية والرحمة في هذا الكتاب السماوي، وتتحدث هذه الآيات عن قوانين المشركين المبتدعة والخرافية وأحكامهم الكاذبة، لأنّ الذي يؤمن بالله ويعلم أن كل المواهب والأرزاق منه، يجب أن يقبل هذه الحقيقة أيضاً، وهي أنّ بيان حكم هذه المواهب من حيث الحلية والحرمة بيده، وإِنّ التدخل في هذا العمل بدون إِذنه عمل غير صحيح.
الآية الأُولى وجهت الخطاب إِلى النّبي (ص) وقالت: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالا) إِذا أنّهم طبقاً لسننهم الخرافية حرموا قسماً من الدواب باسم "السائبة" و"البحيرة" و"الوصيلة (1) "، وكذلك حرّموا جزءاً من محاصيلهم الزراعية، وحرموا أنفسهم من هذه النعم الطاهرة المحلّلة، إِضافةً إِلى ذلك فإِن كون الشيء حراماً أو حلالا ليس مرتبطاً بكم، بل هو مختص بأمر الله خالق تلك الموجودات.
ثمّ تقول: (قل الله أذن لكم أم على الله تفترون) ، أي إِنّ لهذا العمل صورتين لا ثالث لهما: فأمّا أن يكون بإِذن الله، أو أنّه تهمة وافتراء، ولما كان الإِحتمال الأوّل منتفياً، فلم يبق إلاّ الثّاني.
﴿قُلْ أَرَأَيْتُم﴾ أخبروني ﴿مَّا أَنزَلَ اللّهُ﴾ خلق ﴿لَكُم مِّن رِّزْقٍ﴾ من الزرع والضرع بالمطر وجعله حلالا ﴿فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا﴾ كالبحيرة وغيرها ﴿وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ﴾ في التحليل والتحريم ﴿أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ﴾ بنسبة ذلك إليه.