سبب النّزول
عن ابن عباس أن طوائف من العرب مثل ثقيف وخزاعة، حرموا على أنفسهم بعض النباتات والحيوانات دونما دليل، (ونسبوا التحريم إلى الله أيضاً)، فنزلت الآيتان تنهاهم عن ذلك.
التّفسير:
خطوات الشيطان!
ذمّت الآيات السابقة الشرك والمشركين، وأحد أنواع الشرك إيكال أمر التقنين والتشريع وتقرير الحلال والحرام إلى غير الله.
الآية أعلاه اعتبرت هذا العمل شيطانياً وقالت: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي يالأَرْضِ حَلاَ طَيِّباً، وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾.
تكرر في القرآن طلب الإستفادة من الأطعمة، وورد الطلب عادة مقيّداً بالحلال وبالطيّب.
و«الحلال» ما أُبيح تناوله، والطيب ما طاب ووافق الطبع السليم، ويقابله «الخبيث» الذي يشمأز منه الإنسان.
و«الخطوات» جمع «خطوة» وهي المرحلة التي يقطعها الشيطان للوصول إلى هدفه وللتغرير بالنّاس.
عبارة ﴿لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ تكررت خمس مرات في القرآن الكريم، وكانت في موضعين بشأن الإستفادة من الأطعمة والرزق الإلهي.
وهي تحذير من استهلاك هذه النعم الإلهية في غير موضعها.
وحثّ على الإستفادة منها على طريق العبودية والطاعة لا الفساد والطغيان في الأرض.
النهي عن اتباع خطوات الشيطان في استثمار مواهب الطبيعة، توضحه آيات اُخرى تنهى أيضاً عن الإفساد في استثمار ما وهبه الله للناس، كقوله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾، وكقوله سبحانه ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْا فِيهِ﴾.
هذه المواهب والإمكانات ينبغي أن تكون طاقة دافعة نحو الطاعة لا وسيلة لارتكاب الذنوب.
عبارة ﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ تكررت في القرآن الكريم عشر مرات بعد الحديث عن الشيطان، كي تحفّز الإنسان، وتجعله متأهباً لمجابهة هذا العدوّ اللدود الظاهر.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ﴾ من أنواع ثمارها وأطعمتها ﴿حَلاَلاً﴾ مباحا مفعول كلوا أو صفته مصدر محذوف ﴿طَيِّباً﴾ ملتذا أو طاهرا من الشبه ﴿وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ ما يخطو بكم إليه ويعزيكم به من مخالفة الرسول فتحرموا حلالا وتحللوا حراما ﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ ظاهر العداوة.