التّفسير
المرحلة الثّالثة:
عكست هذه الآيات مرحلة أُخرى من المواجهة الثورية بين موسى وفرعون، ففي البداية تبيّن وضع المؤمنين فتقول: (فما آمن لموسى إلاّ ذريّة من قومه).
إِنّ هذه المجموعة الصغيرة القليلة، والتي كان الشباب والأشبال يشكلون أكثريتها بمقتضى ظاهر كلمة ذرية، كانت تواجه ضغوطا شديدة من فرعون وأتباعه الى درجة أنّهم خافوا أن يصل بهم الامر الى ترك دين موسى نتيجة هذه الضغوط الشديدة: (على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم وإِنّ فرعون لعال في الأرض وإِنّه لمن المسرفين).
وهناك بحث بين المفسّرين في أنّه من كانت هذه الذريّة التي آمنت بموسى؟
وإِلى من يعود ضمير (من قومه) إِلى موسى أم فرعون؟
فذهب البعض الى أنّ هؤلاء كانوا نفراً قليلا من قوم فرعون والأقباط كمؤمن آل فرعون، وزوجة فرعون وماشطتها ووصيفتها، والظاهر أنّ الدليل على اختيار هذا الرأي أن أغلب بني إسرائيل قد آمنوا.
وهذا لا يناسب التعبير بـ (ذرية من قومه) لأنّه يدل على صغر هذه المجموعة.
إِلاّ أنّ البعض الآخر يرى أنّهم جماعة من بني إِسرائيل، والضمير يعود إِلى موسى، لأنّ اسم موسى قد ذكر قبله، وحسب قواعد اللغة والنحو فإِنّ الضمير يجب أن يرجع إِليه.
﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ﴾ كمؤمن آل فرعون وزوجته وماشطتها وجارية وزوجة ﴿عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ﴾ الضمير لفرعون على أن يراد به آله أو للقوم ﴿أَن يَفْتِنَهُمْ﴾ يعذبهم فرعون فيصرفهم عن دينهم وإفراد الضمير لأن الخوف من الملأ بسببه ﴿وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ﴾ متكبر ﴿فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ المتجاوزين للحد في العتو بادعاء الربوبية.