إِلاّ أنّ من البديهي أنّ مثل هذا الإِيمان الذي يتجلّى عند نزول البلاء ونشوب أظفار الموت، إِيمان اضطراري يتشبث به كل جان ومجرم ومذنب وليست له أية قيمة، أو يكون دليلا على حسن نيته أو صدق قوله، ولهذا فإِنّ الله سبحانه خاطبه فقال: (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين).
وقد قرأنا سابقاً في الآية (18) من سورة النساء: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إِذا حضر أحدهم الموت قال إِنّي تبت الآن) ولهذا فإنّ كثير من الناس ما أن تستقر بهم الحال وينجون من الموت يعودون إِلى أوضاعهم وأعمالهم السابقة.
ونظير هذا التعبير الذي ورد أعلاه جاء أيضاً في اشعار وكلمات الأدباء العرب والعجم، مثل:
أتت وحياض الموت بيني وبينها ***** وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل
﴿آلآنَ﴾ آمنت ﴿وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ﴾ بالكفر ﴿وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ بالضلال والإضلال عن الإيمان.